وتكون باء الاستعانة، كقولك: كتبت بالقلم، وعملت بالقدوم، أي: فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم التي آمنتم بها. وقرأ ابن عباس وابن مسعود: (بما آمنتم به) وقرأ أبي: (بالذي آمنتم به). (وَإِنْ تَوَلَّوْا) عما تقولون لهم، ولم ينصفوا فما هم إلا (فِي شِقَاقٍ) أي: في مناوأة ومعاندة لا غير، وليسوا من طلب الحق في شيء، أو: وإن تولوا عن الشهادة والدخول في الإيمان بها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهي كلمة الشهادتين، قال القاضي: المعنى: إن تحروا الإيمان بطريق يهدي إلى الحق مثل طريقكم، فإن وحدة المقصد لا تأبى تعدد الطرق.

قوله: (بما آمنتم به) وقوله: (بالذي آمنتم به) في القراءتين دلالة على أن "مثل": مقحم، قال القاضي: يجوز أن تكون الباء مزيدة للتأكيد، كقوله تعالى: (جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا) [يونس: 27]، أي: إن آمنوا إيماناً مثل إيمانكم به، أو المثل مقحم، كقوله تعالى: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ) [الأحقاف: 10] أي: عليه، يدل عليه قوله: "تولوا عن الشهادة والدخول في الإيمان" ففي الكلام لف ونشر.

قوله: ((وَإِنْ تَوَلَّوْا): عما تقولون لهم ولم ينصفوا)، هذا بناءً على أن الباء في (بِمِثْلِ) صلة (آمَنُوا)، يدل عليه قوله: "ولم ينصفوا"؛ لأن الوجه الأول مبني على الكلام المنصف والاستدراج، وقوله: "فإن تولوا عن الشهادة" على أن الباء للاستعانة، يدل عليه قوله: "والدخول في الإيمان"، ففي الكلام لف ونشر. وينصر الوجه الأول قوله: " (فِي شِقَاقٍ) في مناوأة ومعاندة"؛ لأنه مناسب للإنصاف، وكذا قوله: (فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015