(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران: 85] فلا يوجد إذن دين آخر يماثل دين الإسلام في كونه حقاً، حتى إن آمنوا بذلك الدين المماثل له كانوا مهتدين فقيل: (فَإِنْ آمَنُوا) بكلمة الشك على سبيل الفرض والتقدير، أي: فإن حصلوا ديناً آخر مثل دينكم مساوياً له في الصحة والسداد فقد اهتدوا. وفيه: أن دينهم الذي هم عليه وكل دين سواه مغاير له غير مماثل؛ لأنه حق وهدى، وما سواه باطل وضلال.

ونحو هذا: قولك للرجل الذي تشير عليه: هذا هو الرأي الصواب، فإن كان عندك رأي أصوب منه فاعمل به، وقد علمت أن لا أصوب من رأيك ولكنك تريد تبكيت صاحبك وتوقيفه على أن ما رأيت لا رأي وراءه، ويجوز أن لا تكون الباء صلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المخاطب: كقوله تعالى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ: 24]، أي: تفكروا في حالكم وما أنتم عليه من العبث والفساد وحال المؤمنين وما هم عليه من الصلاح والسداد، فإذا رجعوا إلى أنفسهم وتفكروا، علموا أن المسلمين على هدى وهم على ضلال، كذلك ها هنا: جيء بكلمة "إن"، وهي للشك، وفرض دين آخر مثل دين الإسلام في الاستقامة، أي: نحن لا نقول: إننا على الحق وأنتم على الباطل، ولكن إن حصلتم ديناً آخر مساوياً لهذا الدين في الصحة والسداد فقد اهتديتم، ومقصودنا هدايتكم كيف ما كانت، والخصم إن نظر في هذا الكلام بعين الإنصاف تفكر فيه وعلم أن دين الحق هو دين الإسلام لا غير.

قوله: (وفيه)، أي: أدمج في هذا الكلام- تعريضاً كما ذكرنا- أن الدين: الذي هم عليه، وكل دين سواه: باطل وضلال، فعلى هذا أصل الكلام: إن كل دين سوى دين الإسلام باطل، فأقحم قوله: "دينهم الذي هم عليه" وعطف عليه العام ليؤذن بأن الكلام معهم أصالة، وقيل: الضمير في سواه، لدينهم.

قوله: (ويجوز أن لا تكون الباء صلة)، يعني على ما فسرنا كانت صلة، و (آمَنُوا): مضمناً معنى دخلوا، أي: فإن دخلوا في الإيمان بشهادة، أي: باستعانة شهادة مثل شهادتكم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015