(فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ) ضمان من الله لإظهار رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، وقد أنجز وعده بقتل قريظة وسبيهم، وإجلاء بني النضير، ومعنى السين: أن ذلك كائن لا محالة وإن تأخر إلى حين. (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ): وعيد لهم، أي: يسمع ما ينطقون به ويعلم ما يضمرون من الحسد والغل، وهو معاقبهم عليه. أو: وعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى: يسمع ما تدعو به ويعلم نيتك، وما تريده من إظهار دين الحق وهو مستجيب لك وموصلك إلى مرادك.
[(صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) 138].
(صِبْغَةَ اللَّهِ) مصدر مؤكد منتصب عن قوله: (آمَنَّا بِاللَّهِ) كما انتصب (وَعَدَ اللَّهُ) [الروم: 6] عما تقدمه، وهي فعلة من: صبغ، كالجلسة من: جلس، وهي الحالة التي يقع عليها الصبغ، والمعنى: تطهير الله؛ لأن الإيمان يطهر النفوس.
والأصل فيه: أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية ويقولون: هو تطهير لهم، وإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومعنى السين) في (فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ)، قال المصنف: الأصل في السين التوكيد؛ لأنها في مقابلة لن، قال سيبويه: لن أفعل: نفي سأفعل.
قوله: (أو وعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أو: للتنويع لا للترديد؛ لأنه لا مانع من حمل الكلام على الوعد والوعيد معاً.
قوله: (مصدر مؤكد) أي: مؤكد لنفسه؛ لأن ما قبله وهو قوله تعالى: (آمَنَّا بِاللَّهِ) إلى آخر الآية دال على ما يدل عليه "صبغة الله".
قوله: (كما انتصب (وَعَدَ اللَّهُ) عما تقدمه)، وهو قوله: (يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم: 4 - 5].