. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن التقسيم قول الزجاج في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ) [البقرة: 258] "هذا حجة على أهل الكتاب؛ لأنه نبأ لا يجوز أن يعلمه إلا من وقف عليه بقراءة كتاب، أو تعليم معلم، أو بوحي من الله تعالى، وقد علموا أنه صلى الله عليه وسلم أمي، وأنه لم يعلم التوراة والإنجيل، فلم يبق وجه يعلم أن هذا الإخبار منه إلا الوحي".

وتنزيل هذا التقرير على هذا المقام أن يقال: إنكم أيها المؤمنون تقولون: إن يعقوب حين احتضر وصى بنيه بالتوحيد والإسلام، وهو حق وصدق، ولكن ما علمتم ذلك من طريق استدلال، ولا قراءة كتاب، ولا تعليم معلم، ولا كنتم حاضرين حين احتضر ووصى بالتوحيد، فلم يبق إلا طريق الوحي، هذا إشارة إلى معنى الحصر في قول المصنف: "إنما حصل لكم العلم من طريق الوحي".

فإن قلت: فلم خص الإنكار بطريق المشاهدة دون الطرق الأخرى على أن طريق التعليم أولى بالإنكار كما قال في قوله تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) [آل عمران: 44]، فإن قلت: لم نفيت المشاهدة وانتفاؤها معلوم بغير شبهة، وترك نفي استماع الأنباء من حفاظها وهو موهوم؟

قلت: "كان معلوماً عندهم علماً يقيناً أنه ليس من أهل السماع والقراءة، وكانوا منكرين للوحي فلم يبق إلا المشاهدة، وهي في غاية الاستبعاد والاستحالة، فنفيت على سبيل التهكم بالمنكرين للوحي مع علمهم بأنه لا سماع له ولا قراءة". كذا ها هنا بقي ما هو مستبعد مستحيل ليثبت ما هو المقصود بالطريق البرهاني امتناناً نه تعالى عليهم، وإليه الإشارة بقوله: "أي: ما شاهدتم ذلك، وإنما حصل لكم العلم به من طريق الوحي".

وهذا التقرير لا يستقيم إذا كان الخطاب مع اليهود؛ لأن القول الذي وقع الإنكار في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015