[{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ *ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ * ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ * ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} 69 - 76]
{بِالْكِتابِ}: بالقرآن {وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا} من الكتب. فإن قلت: وهل قوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ} إلى مثل قولك: سوف أصوم أمس؟ قلت: المعنى على إذا، إلا أن الأمور المستقبلة لما كانت في إخبار الله تعالى متيقنة مقطوعًا بها: عبر عنها بلفظ ما كان ووجد، والمعنى على الاستقبال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال القاضي: فإذا أراد شيئًا كان، فلا يحتاج في تكوينه إلى عدة وتجشم كلفة من حيث إنه تعالى يقتضي قدرة ذاتية غير متوقفة على العدد والمواد.
وقلت: في هذا التنبيه تقريع عظيم للمجادلين في الآيات الشاهدة على إثبات البعث واستبعادهم الإعادة، ولذلك جعل هذه النتيجة تخلصًا وكرًا إلى إعادة {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ} على سبيل التعجب والتعجيب، وسجل على جهالتهم وصرفهم عن الطريق الحق مع قيام تلك الحجج القاطعة والبراهين الساطعة بقوله: {أَنَّى يُصْرَفُونَ}، كما قال في تلك الآية: {أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون: 4].
قوله: (والمعنى على "إذا")، ويروى على "إذ"، أي: فسوف يعلمون حين الأغلال في أعناقهم. قال أبو البقاء: "إذ" ظرف زمان ماض، والمراد بها الاستقبال ها هنا؛ لقوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.