وقرئ: (شِيوخًا)، بكسر الشين. و (شيخًا)، على التوحيد، كقوله: {طِفْلًا} [الحج: 5]، والمعنى: كل واحد منكم. واقتصر على الواحد؛ لأنّ الغرض بيان الجنس. {مِنْ قَبْلُ}: من قبل الشيخوخة، أو من قبل هذه الأحوال إذا خرج سقطًا، {وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ما في ذلك من العبر والحجج.
[{هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْرًا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 68]
{فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّما} يكونه من غير كلفة ولا معاناة. جعل هذا نتيجة من قدرته على الإحياء والإماتة، وسائر ما ذكر من أفعاله الدالة على أنّ مقدورًا لا يمتنع عليه، كأنه قال: فلذلك من الاقتدار إذا قضى أمرًا كان أهون شيء وأسرعه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ "شيوخًا")، ابن كثير وابن ذكوان وأبو بكر وحمزة والكسائي.
قوله: (فلذلك من الاقتدار إذا قضى أمرًا كان أهون شيء وأسرعه)، والمعنى: اعلموا وتنبهوا على أن من كان قادرًا على تلك المقدورات العظيمة كما شاء كيف شاء ومتى شاء بلا مانع ولا مدافع، كان أمره إذا قضى أمر الإعادة وجد كأهون شيء وأسرعه، وإنما قيدناه بذكر الإعادة؛ لأن جميع ما ذكر من الآيات عقيب قوله: {إنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ}، وقد عطف على هذا المجموع مجموع قوله: {وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} على طريق الحصول والوجود، وتفويض الترتيب بينها إلى الذهن، يعني: لما اقتضت الحكمة إيجاد الخلق للعبادة ثم ترتب الجزاء عليها وذلك عند قيام الساعة، فلا بد من حصولهما، {ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ} يستكبرون عن العبادة وينكرون الإعادة، "أفلا يتفكرون" في تلك الدلائل الدالة على كمال القدرة ونفاذ الإرادة؛ ليعلموا أن من كان قادرًا على ذلك كان أمر الإعادة أهون شيء وأسرعه عليه، والله أعلم.