وعن ابن عباس: (والسلاسل يسحبون) بالنصب وفتح الياء، على عطف الجملة الفعلية على الاسمية. وعنه: (والسلاسل يسحبون) بجر "السلاسل"، ووجهه: أنه لو قيل: إذ أعناقهم في الأغلال، مكان قوله: {إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ} لكان صحيحًا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وعن ابن عباس: "والسلاسل يسحبون"؛ بالنصب)، قال ابن جني: وقرأها ابن مسعود، والتقدير: إذ الأغلال في أعناقهم ويسحبون السلاسل، بفتح الياء واللام بعطف الجملة الفعلية على الاسمية، ونحوه قول الشاعر:
أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد .... أموف بأدراع ابن طيبة أم تذم
أي: أنت موف بها أم تذم؟ فقابل بالمبتدأ الخبر الذي من الفعل والمفعول الجاري مجرى الفاعل، على أن {إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ} يشبه في اللفظ الجملة الفعلية لتقدم الظرف على المبتدأ كتقدم الفعل على الفاعل مع قوة شبه الظرف بالفعل، على أن أبا الحسن يرفع "زيدًا"- من قولك: في الدار زيد- بالظرف، كما يرفعه بالفعل. ومن غريب شبه الظرف بالفعل أنهم لم يجيزوا في قولهم: "فيك يرغب"، أن يكون "فيك" مرفوعًا بالابتداء، وفي "يرغب" ضمير، كقولك: زيد يضرب، لن الفعل لا يرفع بالابتداء، فكذلك الظرف، ومن ذلك أيضًا قوله:
زمان علي غراب غداف .... فطيره الشيب عني فطارا
فعطف الفعل على الظرف، وفي الأمثلة كثرة. نم كلام ابن جني.
قوله: (بجر "السلاسل")، قال مكي: هذا على العطف على الأعناق غلط؛ لأنه يصير الأعناق في السلاسل، ولا معنى للغل في السلسة، ومن ثم قال المصنف: "ووجهه أنه لو قيل" إلى آخره، تصحيحًا له.