ومضمنة ذكرها -نحو قوله تعالى: {أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ} [الصافات: 95 - 96] وأشباه ذلك من التنبيه على أدلة العقل- كان ذكر البينات ذكرًا الأدلة العقل والسمع جميعًا، وإنما ذكر ما يدل على الأمرين جميعًا؛ لأن ذكر تناصر الأدلة، أدلة العقل وأدلة السمع أقوى في إبطال مذهبهم، وإن كانت أدلة العقل وحدها كافية.

[{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} 67]

{لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} متعلق بفعل محذوف تقديره: ثم يبقيكم لتبلغوا. وكذلك {لِتَكُونُوا}. وأما {وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى} معناه: ونفعل ذلك لتبلغوا أجلًا مسمًى، وهو وقت الموت. وقيل: يوم القيامة. .........

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العقل" باطل؛ لأن القطعي لا يقبل القوة.

وقلت -والله أعلم-: إن مغزى الكلام على التعريض وإرخاء العنان وجريان البيان على الألف والاستمرار على المألوف، يعني: قضية التقليد توجب ما أنتم عليه، ولكني خصصت بأمر دونكم فتأملوا فيه واستعملوا عقولكم فيه، وأنتم مراجيح العقول، كما قال إبراهيم عليه السلام: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَاتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا} [مريم: 43 - 44] ولما كان المقصود قطع المألوف كان الجواب العتيد: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ} [مريم: 46].

قوله: (وهو وقت الموت. وقيل: يوم القيامة)، هذا هو الوجه؛ لأن الخلق ما خلقوا إلا ليعبدوا ثم يبلغوا موقف الجزاء، كما قال تعالى: {إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا} [يونس: 4] الآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015