[{ولَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الهُدَى وأَوْرَثْنَا بَنِي إسْرَائِيلَ الكِتَابَ * هُدًى وذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ} 53 - 54]

يريد بالهدى: جميع ما آتاه في باب الدين من المعجزات والتوراة والشرائع. {وأَوْرَثْنَا}: وتركنا على بني إسرائيل من بعده {الكِتَابَ} أي: التوراة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وتركنا على بني إسرائيل من بعده الكتاب)، يعني: استعير {وأَوْرَثْنَا} لـ: تركنا. النهاية: في أسماء الله تعالى "الوارث"، وهو الذي يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم، ومنه: "اللهم متعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث مني"، أي: أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت. وفيه إشارة إلى أن ميراث الأنبياء ليس إلا العلم والكتاب الهادي الناطق بالحكمة والموعظة، ألا ترى كيف أطلق الهدى في قوله: " ولقد آتينا موسى الهدى" ليكون شائعًا في جميع جنسه، فيتناول جميع ما آتاه الله في باب الدين، ثم جعل نصيب أمته الكتاب وحده؟ وكيف أومأ إليه سيدنا صلوات الله عليه في قوله: "من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طريق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا ولكن ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر". أخرجه أبو داود والترمذي، عن قيس بن كثير، عن أبي الدرداء.

قال صاحب "الجامع": معنى وضع أجنحة الملائكة التواضع والخشوع تعظيمًا للطالب وتوقيرًا للعلم، قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24].

وقيل: معناه الكف عن الطيران، أي: لا يزول عنده، كقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015