{هُدًى وذِكْرَى}: إرشادًا وتذكرة، وانتصابهما على المفعول له، أو على الحال. وأولوا الألباب: المؤمنون به العاملون بما فيه.
[{فَاصْبِرْ إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ والإبْكَارِ} 55]
{فَاصْبِرْ إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} يعني أن نصرة الرسل في ضمان الله، وضمان الله لا يخلف، واستشهد بموسى وما آتاه من أسباب الهدى والنصرة على فرعون وجنوده، وإبقاء آثار هداه في بني إسرائيل، والله ناصرك كما نصرهم، ومظهرك على الدين كله، ومبلغ ملك أمتك مشارق الأرض ومغاربها، فاصبر على ما يجرعك قومك من الغصص، فإن العاقبة لك وما سبق به وعدي من نصرتك وإعلاء كلمتك حق، وأقبل على التقوى، واستدراك الفرطات بالاستغفار، ودم على عبادة ربك والثناء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومبلغ ملك أمتك مشارق الأرض ومغاربها)، إشارة إلى ما روينا عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله زوى لي الأرض، فأريت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها". أخرجه مسلم وأبو داود والترميذي، وأخرجه الإمام أحمد ابن حنبل عن شداد بن أوس. وقلت: هذا الذي ذكره وإن كان غرضًا يصار إليه، لكن النظم يقتضي أبلغ من ذلك، وهو أن يقال: {فَاصْبِرْ إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [غافر: 55]، يعني: أنه ينصرك على أعدائك كما نصر موسى على أعدائه، ويظهرك على الدين كله، ويورث هذا الكتاب الكريم الذين اصطفينا من عبادنا ليعتصموا به، فيكون لهم هدى ينالون به رضا الله وزلفاه في العقبى وذكرًا أي: شرقًا وغربًا، كما قال: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44]، فيملكون به مشارق الأرض ومغاربها.