لقوله: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36]. {ولَهُمُ اللَّعْنَةُ}: البعد من رحمة الله، {ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} أي: سوء دار الآخرة؛ وهو عذابها. وقرئ: {يَقُومُ} و {لا يَنفَعُ} بالتاء والياء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنفعة، أي: إذا لم تحصل ثمرة المعذرة فكيف يقع ما لا ثمرة فيه؟ وفي تلك الآية جعل نفي الموصوف تبعًا لنفي الصفة، فهاهنا الأولى بالنفي الصفة، وفي هناك الأولى بالنفي الذات.
وقلت: الكلام يفتقر إلى فضل بسط، وهو أن ما في تلك الآية وأمثالها من باب نفي الشيء بنفي لازمه، يعني: لما أريد نفي الشفيع مثلًا شفع بالتشفيع، فجعل انتفاء الشفيع دليلًا على انتفاء التشفيع بالطريق النهائي. وتلخيصه: أنه إذا لم يحصل الشفع فكيف يحصل التشفيع وهاهنا بالعكس؛ لأن الأصل ليس لهم معذرة نافعة، فعدل إلى "لا ينفع الظالمين معذرتهم" للمبالغة، وجعل انتفاء النفع دليلًا على انتفاء العذر، وعليه كلام صاحب "الانتصاف": وإذا لم يحصل ثمرة العذر فكيف يقع ما لا ثمرة له؟ فحينئذ ينتفي النفع بالطريق المذكور؛ لأن الصفة لا تتأتى بدون موصوفها؛ ألا ترى إلى المصنف كيف قال في تلك الآية: ضمت الصفة إلى الموصوف؛ ليقام انتفاء الموصوف في مقامه الشاهد على انتفاء الصفة؛ لأن الصفة لا تتأتى بدون موصوفها، فيكون ذلك إزالة لتوهم وجود الموصوف.
قوله: (لقوله: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36]، قال: {فَيَعْتَذِرُونَ} عطف على {وَلَا يُؤْذَنُ} منخرط في سلك المنفي، والمعنى: ولا يكون لهم إذن واعتذار متعقب له، وقد روعي في الآيتين المناسبة بين الفقرتين. ولما قال هناك: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ} شفعه بنفي الشفيع والتشفيع، ولما أوقع الكلام هاهنا على نفي المنفعة قرنه بإثبات المضرة، حيث قال: {ولَهُمُ اللَّعْنَةُ ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}.
قوله: (وقرئ: {يَقُومُ} و {لا يَنفَعُ} بالتاء والياء)، والكوفيون ونافع: بالياء التحتانية، والباقون: بالتاء.