{فَادْعُوا} لرجاء المنفعة، ولكن للدلالة على الخيبة، وإن الملك المقرب إذا لم يسمع دعاؤه، كيف يسمع دعاء الكافر!
[{إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ويَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ولَهُمُ اللَّعْنَةُ ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} 51 - 52]
{فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ويَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} أي: في الدنيا والآخرة، يعني: أنه يغلبهم في الدارين جميعًا بالحجة والظفر على مخالفيهم، وإن غلبوا في الدنيا في بعض الأحايين امتحانًا من الله، فالعاقبة لهم، ويتيح الله من يقتص من أعدائهم ولو بعد حين. والأشهاد: جمع شاهد، كصاحب وأصحاب، يريد: الحفظة من الملائكة والأنبياء والمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]. واليوم الثاني بدل من الأول، يحتمل أنهم يعتذرون بمعذرة ولكنها لا تنفع؛ لأنها باطلة، وأنهم لو جاؤوا بمعذرة لم تكن مقبولة؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسلم عن أبي الزبير. ولذلك قال الإمام: تقول الملائكة للكفار: لا يشفع إلا بشرطين: كون المشفوع له مؤمنا. والثاني: حصول الإذن في الشفاعة.
وينصر هذا التأويل قوله: {أَوَ لَمْ تَكُ تَاتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ} وقوله: {ومَا دُعَاءُ الكَافِرِينَ إلاَّ فِي ضَلالٍ}، ووضع الظاهر موضع المضمر للإشعار بالعلية وأن المانع هو صفة الكفر.
قوله: (ويتيح الله)، الجوهري: تاح له الشيء وأتيح له الشيء: قدر له.
قوله: (يحتمل أنهم يعتذرون بمعذرة ولكنها لا تنفع؛ لأنها باطلة، وأنهم لو جاؤوا بمعذرة لم تكن مقبولة)، الانتصاف: هما الاحتمالان في قوله: {وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}، لكن هاهنا يصير المعنى عكس الآخر على تقدير: ألا يكون لهم عذر ينفي صفة المعذرة وهي