السفاكين للدماء بغير حلها. وقيل: الذين غلب شرهم خيرهم هم المسرفون. وقرئ: (فستذكرون) أيك فسيذكر بعضكم بعضًا. {وأُفَوِّضُ أَمْرِي إلَى اللَّهِ}؛ لأنهم توعدوه.
[{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًا وعَشِيًا ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ} 45 - 46]
{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا}: شدائد مكرهم وما هموا به من إلحاق أنواع العذاب بمن خالفهم. وقيل: نجا مع موسى، {وحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ} ما هموا به من تعذيب المسلمين، ورجع عليهم كيدهم. {النَّارُ} بدل من {سُوءُ العَذَابِ}، أو خبر مبتدأ محذوف، كأن قائلًا قال: ما سوء العذاب؟ فقيل: هو النار؛ أو مبتدأ خبره {يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا}. وفي هذا الوجه تعظيم للنار وتهويل من عذابها. وعرضهم عليها: إحراقهم بها. يقال: عرض الإمام الأسارى على السيف؛ إذا قتلهم به وقرئ: (النار)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (السفاكين للدماء بغير حلها) يريد أنه عود إلى بدء، افتتح بقوله: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} جوابًا عن قول اللعين: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} فاختتم به تعريضًا.
قوله: (وفي هذا الوجه تعظيم للنار)، قال صاحب "التقريب": من حيث الاستئناف. وقلت: الاستئناف غير مختص به؛ لأن السابق أيضًا وارد عليه، بل التعظيم من أن التركيب حينئذ من باب تقوي الحكم وجعل "النار" مبتدأ معتمدًا عليه، وبناء"يعرضون" عليها، فالجواب عن السؤال المقدر جملة الكلام إلى آخر الآية. قيل: سوء العذاب النار المحكوم عليها بكيت وكيت.
قوله: (وعرضهم عليها إحراقهم بها)، ونحوه: عرضت الناقة على الحوض، وقول أبي العلاء:
إذا اشتاقت الخيل المناهل أعرضت .... عن الماء فاشتاقت إليه المناهل