بالنصب، وهي تعضد الوجه الأخير، وتقديره: يدخلون النار يعرضون عليها، ويجوز أن ينتصب على الاختصاص. {غُدُوًا وعَشِيًا} في هذين الوقتين يعذبون بالنار، وفيما بين ذلك الله أعلم بحالهم، فإما أن يعذبوا بجنس آخر من العذاب، أو ينفس عنهم. ويجوز أن يكون {غُدُوًا وعَشِيًا} عبارة عن الدوام، هذا مادامت الدنيا، فإذا قامت الساعة قبل لهم: (ادخلوا) يا {آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ} عذاب جهنم. وقرئ: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ} أي: يقال لخزنة جهنم: أدخلوهم. فإن قلت: قوله: {وحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذَابِ} معناه: أنه رجع عليهم ما هموا به من المكر بالمسلمين، كقول العرب: من حفر لأخيه جبا، وقع فيه منكبا، فإذا فسر {سُوءُ العَذَابِ} بنار جهنم؛ لم يكن مكرهم راجعًا عليهم؛ لأنهم لا يعذبون بجهنم؟ قلت: يجوز أن يهم الإنسان بأن يغرق قوما فيحرق بالنار، ويسمى ذلك حيقا؛ لأنه هم بسوء فأصابه ما يقع عليه اسم السوء. ولا يشترط في الحيق أن يكون الحائق ذلك السوء بعينه، ويجوز أن يهم فرعون لما سمع إنذار المسلمين بالنار، وقول المؤمن: {وأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: 43] .....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وهي تعضد الوجه الأخير)، أي: جعل "النار" مفعولًا دل على اتصال {النَّارُ} بـ {يُعْرَضُونَ}، فينبغي في ذلك الوجه أيضًا أن يجعل خبرًا لها لتتصل بها، لا استئنافًا كما يقتضيه الوجهان السابقان.

قوله: (هذا ما دامت الدنيا، فإذا قامت الساعة قيل لهم: ادخلوا)، اقتضى هذا التقدير الواو العاطفة في قوله: {ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}، ووجه اتصاله بالكلام السابق، وإنما أتى في التفسير بالفاء؛ ليؤذن باتصال العذابين في مثل هذا المقام.

قوله: (وقرئ: {أَدْخِلُوا}، ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر: " الساعة ادخلوا" بوصل الألف وضم الخاء، ويبتدئونها بالضم. والباقون: بقطعها في الحالين وكسر الخاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015