التجأ إليه. أو: قل لهم: ما أنا إلا منذر لكم ما أعلم، وأنا أنذركم عقوبة من هذه صفته، فإن مثله حقيق بأن يخاف عقابه، كما هو حقيق بأن يرجى ثوابه.

[{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلأِ الأَعْلَى إذْ يَخْتَصِمُونَ * إن يُوحَى إلَيَّ إلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ} 67 - 70]

{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} أي: هذا الذي أنبأتكم به- من كوني رسولًا منذرًا، وأن الله واحد لا شريك له- نبأ عظيم لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة. ثم احتج لصحة نبوته بأن ما ينبئ به عن الملإ الأعلى واختصامهم أمر ما كان له به من علم قط، ثم علمه ولم يسلك الطريق الذي يسلكه الناس في علم ما لم يعلموا، وهو الأخذ من أهل العلم وقراءة الكتب، فعلم أن ذلك لم يحصل إلا بالوحي من الله. {إن يُوحَى إلَيَّ إلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ} أي: لأنما نذير. ومعناه: ما يوحى إلى إلا للإنذار، فحذف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أي: لأنما أنا نذير)، هذا إذا قرئ: {أَنَّمَا} بالفتح، وهي المشهورة، وهو يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون على نزع الخافض وإفضاء الفعل، والقائم مقام الفاعل في: {يُوحَى} الظرف، والمعنى: ما يوحى من أمر من الأمور إلا لأنذر وأبلغ ولا أفرط في ذلك. وثانيهما: أن يكون {أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ} هو القائم مقام الفاعل و {إلَيَّ} ظرف، والوحي على هذا بمعنى: الأمر، ولهذا قال: "ما أومر إلا بهذا الأمر"، فقوله: "وحده وليس إلى غير ذلك" معنى: {أَنَّمَا}؛ لأن في الكلام حصرين كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [فصلت: 6].

فإن قلت: فما هذا الحصر؟ كأنه صلوات الله عليه لم يوح إليه إلا لاختصاص النذارة أولم يؤمر إلا باختصاص الإنذار، كما قال: "وليس إلى غير ذلك"؟ قلت: المخاطبون مشركون، وكان الذي ينكرون عليه صلوات الله عليه الإنذار والدعوة إلى التوحيد، كما مضى من مفتتح السورة إلى أن بلغ إلى قوله: {إنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} فما أوثر اختصاص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015