تقاولهم وما يجري بينهم من السؤال والجواب بما يجري بين المتخاصمين من نحو ذلك؛ ولأن قول الرؤساء: {لَا مَرْحَبًا بِهِمْ}، وقول أتباعهم: {بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ}، من باب الخصومة، فسمي التقاول كله تخاصمًا؛ لأجل اشتماله على ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فوصفه بما يدل على خصوصية الذات، قبل وصفه بما يدل على معنى الذات، هو القياس، والأسماء الدالة على حقيقة الذوات هي أسماء الأجناس لا العلم ونحوه، وتعريفها باعتبار معناها في نفسها إنما هو باللام. قال بعض المغاربة: وذلك أن اللام معرفة لحقيقة الذات بخلاف الإضافة، فإن تأثيرها في اختصاص حقيقة الذات بالمضاف إليه وذلك بعد تعرف حقيقة الذات.

وقلت: هاهنا سيء آخر، وهو الفصل بين اسم الإشارة وصفته بالخبر، وهو غير جائز.

وقال صاحب"المقتبس": ومن المسائل في هذا النحو لا يجوز أن تقول: مررت بهذا يوم الجمعة الرجل، ويجوز: مررت بزيد يوم الجمعة العاقل، والفرق: أن اتصال الصفة بالمبهم أشد من اتصالها بسائر الموصوفات؛ لأن اسم الإشارة واسم الجنس كالشيء الواحد من جهة أن المقصود بهما جميعًا ما يقصد من الأسماء، ومنه امتنع: مررت بهذين العاقل والطويل، وجاز: مررت بالزيدين العاقل والطويل؛ لأن صفة غير اسم المبهم ليست في الامتزاج كالمبهم، قالوا: ولذلك لم يجز أيضًا نحو قولك: مررت بهذا ذي المال؛ لأن ذلك يؤدي إلى جعل ثلاثة أشياء شيئًا واحدًا، وإنه مرفوض. ومما مثلوا أيضًا لا تقول: لقيت هذا والخطوب كثيرة الرجل، وقريب من الفصل الأول في شرح الركني.

قوله: (ولأن قول الرؤساء: {لَا مَرْحَبًا بِهِمْ} وقول أتباعهم: {بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ} من باب الخصومة)، الانتصاف: هذا يوافق التخاصم؛ لأن الخصومة من الجبهتين، خلافًا لمن قال: إن الكلام الأول من كلام خزنة جهنم، والثاني من كلام الأتباع؛ لأن الخصومة حينئذ من أحد الفريقين. والجواب ما سيجيء في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلأِ الأَعْلَى إذْ يَخْتَصِمُونَ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015