والمخاطبون - أعني رؤساءهم- لم يتكلموا بما يكون هذا جوابًا لهم؟ قلت: كأنه قيل: هذا الذي دعا به علينا الخزنة أنتم يا رؤساء أحق به منا؛ لإغوائكم إيانًا وتسببكم فيما نحن فيه من العذاب، وهذا صحيح كما لو زين قوم لقوم بعض المساوئ فارتكبوه، فقيل: للمزينين: أخزى الله هؤلاء ما أسوأ فعلهم! فقال المزين لهم للمزينين: بل أنتم أولى بالخزي منا؛ فلولا أنتم لم نرتكب ذلك. {قَالُوا} هم الأتباع أيضًا: {فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا} أي: مضاعفًا، ومعناه: ذا ضعف، ونحوه قوله تعالى: {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا} [الأعراف: 38]، وهو أن يزيد على عذابه مثله فيصير ضعفين، كقوله عز وجل: {رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} [الأحزاب: 68]، وجاء في التفسير: {عَذَابًا ضِعْفًا} [ص: 61]: حيات وأفاعي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فقيل للمزينين)، يروى بكسر الياء وفتحها، فتقدير الفتح: المزين لهم، أي: الذين زين الفعل لهم، و"لهم" صلته بنزع الخافض، وهذا أوفق للمستشهد له؛ لأن الذين قيل في حقهم: {لَا مَرْحَبًا بِهِمْ} وهم الأتباع كالمزينين، أي: المزين لهم، وهم الذين قالوا للرؤساء: {لا مَرْحَبًا بِكُمْ}، والمتبوعون كالمزينين؛ بالكسر.

قوله: {قَالُوا} هم الأتباع أيضًا)، أي: القائلون لقوله: {مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا} هم الأتباع أيضًا. قال أبو البقاء: {مَن قَدَّمَ} هي بمعنى: "الذي"، و {فَزِدْهُ} الخبر، ويجوز أن يكون {مَنْ} نصبًا، أي: فزد من قدم.

وقلت: فعلى هذا يكون منصوبًا على شريطة التفسير، والأتباع لما كافحوا الرؤساء بقولهم: {أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا} وصلوا به متضرعين: ربنا فزد من قدم لنا هذا، ثم عطفوا عليه {فَزِدْهُ} أي: زيادة غب زيادة من غير انقطاع.

قوله: (كقوله: {رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} [الأحزاب: 68])، يعني: وصف العذاب بالضعف في الآيتين على معنى: مضاعفًا، وذا ضعف، وفي الآية الثالثة بين ضعفين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015