ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقوله: {مِنَ الْعَذَابِ} ليدل على أن المراد بالضعف: أن يزاد على عذابه مثله؛ لأن القصة واحدة، وأنه من كلام الأتباع للرؤساء. وقيل: بل الصواب أن تقول: إذا زيد عليه ضعفه يصير أضعافًا لا ضعفيه، فإن ضعف الشيء مثلاه، وضعفيه ثلاثة أمثاله، وهو الموافق لقوله تعالى: {فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ} وإذا زاد على عذابهم ضعفًا فيكون قد أتاهم ضعفين فتطابق قوله في موضع آخر: {رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} [الأحزاب: 68]، ونحمد الله على التوفيق لاستخراج المعاني الدقيق.
وقلت: نظير هذا البحث ذكره صاحب" المغرب"، وقد ذكرناه ولا باس أن نعيده ها هنا، قال: روى أبو عمرو عن أبي عبيدة في قوله تعالى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] قال: معناه: جعل الواحد ثلاثة أي: تعذب ثلاثًا أعذبة. وأنكره الأزهري وقال: هذا هو الذي يستعمله الناس في كلامهم ومتعارفهم، وإنما الذي قال الحذاق: إنما تعذب مثلي عذاب غيرها؛ لأن الضعف في كلام العرب: المثل إلى ما زاد، وليست تلك الزيادة بمقصورة على مثلين فيكون ما قال أبو عبيدة صوابًا، وبهذا علم أن ما قاله الفقهاء غير مرضي، ألا ترى كيف صرح بقوله يزيد على عذابه مثله فيصير ضعفين، أي: مثلين؟
الراغب: الضعف: من الألفاظ المتضايفة كالنصف والزوج، وهو تركب زوجين متساويين، ويختص بالعدد، فإذا قيل: أضعفت الشيء وضعفته وضاعفته: ضممت إليه مثله فصاعدًا. والضعف: مصدر، والضعف: اسم، كالمثنى والثني، فضعف المثنى هو الذي يثنيه، ومتى أضيف إلى عدد اقتضى ذلك العدد ومثله نحو أن يقال: ضعف العشرة فذلك عشرون بلا خلاف، وإذا قيل: أعطه ضعفي واحد، فإن ذلك يقتضي الواحد ومثليه وذلك ثلاثة؛ لأن معناه الواحد واللذان يزاوجانه، هذا إذا كان الضعف مضافًا، فإذا لم يكن مضافًا فقلت: الضعفين، قيل: ذلك يجري مجرى الزوجين في أن كلا منهما يزاوج الآخر