غير متمكن {أَخْلَصْنَاهُم}: جعلناهم لنا خالصين {بِخَالِصَةٍ}: بخصلة خالصة لا شوب فيها، ثم فسرها بـ {ذِكْرَى الدَّارِ} شهادة لذكرى الدار بالخلوص والصفاء وانتقاء الكدورة عنها. وقرئ على الإضافة. والمعنى: بما خلص من ذكرى الدار،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ثم فسرها {ذِكْرَى الدَّارِ} [ص: 46]، أو شهادة لذكرى الدار بالخلوص والصفاء، هذا كقوله في إبدال {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]، بقوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ} [الفاتحة: 7]، الإشعار بأن الطريق المستقيم بيانه وتفسيره صراط المسلمين؛ ليكون ذلك شهادة لصراط المسلمين بالاستقامة على أبلغ وجه وآكده، إلى آخره.
وقال الزجاج وأبو البقاء: يجوز أن يكون {ذِكْرَى الدَّارِ} بدلًا من"خالصة".
وقال القاضي: المعنى أن مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون جوار الله والفوز بلقائه، وذلك في الآخرة، وإطلاق الدار للإشعار بأنها الدار الحقيقية، والدنيا معبر. وأضاف نافع"خالصة" إلى {ذِكْرَى} للبيان.
وقال أبو البقاء: والإضافة من باب إضافة الشيء إلى ما يبينه لأن الخالصة قد تكون ذكرى وغير ذكرى، والخالصة مصدر مضاف إلى المفعول؛ أي: بإخلاصهم ذكرى الدار، وقيل: بمعنى خلوص، فالإضافة إلى الفاعل، أي بأن خلصت لهم ذكرى الدار.
وعن بعضهم: "خالصة" اسم فاعل، تقديره: بخالص ذكرى الدار، أي: خالص أن يشاب بغيره، وقرئ بتنوين"خالصة"، فيجوز أن يكون {ذِكْرَى} في موضع نصب مفعول"خالصة"، أو على إضمار: أعني، وأن يكون في موضع رفع فاعل"خالصة"، أو على تقدير: في {ذِكْرَى}. والمصنف اختار أن يكون مضافًا إلى المفعول له، لقوله: "إنهم لا يشوبون ذكرى الدار بهم آخر".