وطلبها، فإذا صح أن يسمى صابرًا مع تمني العافية وطلب الشفاء، فليسم صابرًا مع اللجأ إلى الله تعالى، والدعاء بكشف ما به، ومع التعالج ومشاورة الأطباء، على أن أيوب عليه السلام كان يطلب الشفاء خيفة على قومه من الفتنة، حيث كان الشيطان يوسوس إليهم كما كان يوسوس إليه أنه لو كان نبيًا لما ابتلي بمثل ما ابتلي به؛ وإرادة القوة على الطاعة، فقد بلغ أمره إلى أن لم يبق منه إلا القلب واللسان. ويروى: أنه قال في مناجاته: إلهي قد علمت أنه لم يخالف لساني قلبي، ولم يتبع قلبي بصري، ولم يهبني ما ملكت يميني، ولم آكل إلا ومعي يتيم، ولم أبت شبعان ولا كاسيًا ومعي جائع أو عريان؛ فكشف الله عنه.

[{واذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وإسْحَاقَ ويَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي والأَبْصَارِ * إنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وإنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ المُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} 45 - 47]

{إبْرَاهِيمَ وإسْحَاقَ ويَعْقُوبَ}: عطف بيان لـ {عِبَادَنَا}، ومن قرأ: (عبدنا) جعل {إبْرَاهِيمَ} وحده عطف بيان له، ثم عطف ذريته على (عبدنا)؛ وهي: إسحاق ويعقوب، كقراءة ابن عباس: {وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة: 133]. لما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدي؛ غلبت، فقيل في كل عمل: هذا مما عملت أيديهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولم يهبني)، من الهبة والروع وهو كناية عن التعظيم والإعجاب، قال الشاعر:

بدا فراع فؤادي حسن منظره

قوله: (ومن قرأ: "عبدنا")، وهو ابن كثير.

قوله: (جعل {إبْرَاهِيمَ} وحده عطف بيان)، قال مكي: فيكون إبراهيم داخلًا في العبودية والذكر، {وإسْحَاقَ ويَعْقُوبَ} داخلان في الذكر لا غير، وهما داخلان في العبودية بغير هذه الآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015