أنه لا سلطان له إلا الوسوسة فحسب؟ قلت: لما كانت وسوسته إليه وطاعته له فيما وسوس سببًا فيما مسه الله به من النصب والعذاب؛ نسبه إليه، وقد راعى الأدب في ذلك؛ حيث لم ينسبه إلى الله في دعائه، مع أنه فاعله ولا يقدر عليه إلا هو. وقيل: أراد ما كان يوسوس به إليه في مرضه: من تعظيم ما نزل به من البلاء، ويغريه على الكراهة والجزع، فالتجأ إلى الله تعالى في أن يكفيه ذلك بكشف البلاء، أو بالتوفيق في دفعه ورده بالصبر الجميل. وروي: أنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين، فارتد أحدهم، فسأل عنه، فقيل: ألقى إليه الشيطان: إن الله لا يبتلي الأنبياء والصالحين. وذكر في سبب بلائه: أن رجلًا استغاثه على ظالم فلم يغثه. وقيل: كانت مواشيه في ناحية ملك كافر، فداهنه ولم يعزه. وقيل: أعجب بكثرة ماله. {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ}: حكاية ما أجيب به أيوب، أي: اضرب برجلك الأرض. وعن قتادة: هي أرض الجابية، فضربها، فنبعت عين فقيل: {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وشَرَابٌ} أي: هذا ماء تغتسل به وتشرب منه، فيبرأ باطنك وظاهرك، وتنقلب ما بك قلبة. وقيل: نبعت له عينان، فاغتسل من إحداهما وشرب من الأخرى، فذهب الداء من ظاهره وباطنه بإذن الله. وقيل: ضرب برجله اليمنى فنبعت عين حارة فاغتسل منها، ثم باليسرى فنبعت باردة فشرب منها. {رَحْمَةً مِّنَّا وذِكْرَى} مفعول لهما. والمعنى: أن الهبة كانت للرحمة له

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ونكب فلان فهو منكوب. والجابية: مدينة الشام، وقيل: فيها جباب كثيرة كانت في إقطاع إلى تمام.

قوله: (أي: هذا ماء تغتسل به)، الراغب: غسلت الشيء: أسلت عليه الماء فأزلت درنه، والغسل: الاسم، والغسل: ما يغسل به، والاغتسال: غسل البدن، والمغتسل: موضع يغتسل فيه.

قوله: (ما بك قلبة)، الأساس: قلبة: داء يتقلب منه على فراشه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015