أي: فأعط منه ما شئت {أَوْ أَمْسِكْ} مفوضًا إليك التصرف فيه. وفي قراءة ابن مسعود: (هذا فامنن أو أمسك عطاؤنا بغير حساب)؛ أو: هذا التسخير عطاؤنا، فامنن على من شئت من الشياطين بالإطلاق، وأمسك من شئت منهم في الوثاق بغير حساب، أي: لا حساب عليك في ذلك.

[{واذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وشَرَابٌ * ووَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ ومِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ * وخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ ولا تَحْنَثْ إنَّا وجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ العَبْدُ إنَّهُ أَوَّابٌ} 41 - 44]

{أَيُّوبَ} عطف بيان، و {إِذْ} بدل اشتمال منه، {أَنِّي مَسَّنِيَ}: بأني مسني؛ حكايةً لكلامه الذي ناداه بسببه، ولو لم يحك لقال بأنه مسه؛ لأنه غائب. وقرئ: {بِنُصْبٍ} بضم النون وفتحها مع سكون الصاد، وبفتحهما، وضمهما، فالنصب والنصب: كالرشد والرشد، والنصب: على أصل المصدر والنصب: تثقيل نصب، والمعنى واحد؛ وهو التعب والمشقة. والعذاب: الألم، يريد مرضه وما كان يقاسي فيه من أنواع الوصب. وقيل: الضر في البدن، والعذاب في ذهاب الأهل والمال. فإن قلت: لم نسبه إلى الشيطان، ولا يجوز أن يسلطه الله على أنبيائه ليقضي من إتعابهم وتعذيبهم وطره، ولو قدر على ذلك لم يدع صالحًا إلا وقد نكبه وأهلكه، وقد تكرر في القرآن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو هذا التسخير عطاؤنا)، وعلى هذا {بَغَيْرِ حِسَابٍ} حال من الضمير في {فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ} والمعنى: غير محاسب عليك، و {أَوْ} للتنويع، ومن ثم أتى بالواو بدله، ويجوز الإباحة.

قوله: (وقرئ: {بِنُصْبٍ} بضم النون وفتحها)، المشهورة: بضم النون وسكون الصاد، والبواقي: شواذ.

قوله: (وقد نكبه)، الجوهري: النكبة: واحدة نكبات الدهر، تقول: أصابته نكبة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015