. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في زمنه عليه السلام الملك، فطلب مثل ذلك ليكون حجة؛ لأن معجزة كل نبي كانت من جنس الغالب في زمانه، كالسحر في زمن موسى عليه السلام، فتحداهم بالعصا واليد البيضاء. والطب في زمن عيسى عليه السلام، فتحداهم بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى. والفصاحة في زمن نبينا صلوات الله عليه، فتحداهم بأقصر سورة من كلام ذي العزة والكبرياء. وأما الزيادة الخارقة للعادة من حيث تسخير ما لم يسخر للإنس، فقد روى محيي السنة عن مقاتل بن حيان: كان سليمان ملكًا، ولكنه أراد بقوله: {لاَّ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [ص: 35]، تسخير الرياح والطير والشياطين، بدليل ما بعده.

وروى البخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن عفريتًا من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه، فأخذته فأردت أن أربطه بسارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [ص: 35] فرددته خاسئًا.

وأما من حيث تسخير الملوك، فهو ما ذكر الفقيه أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري في"تاريخه": أن سليمان عليه السلام ورث ملك أبيه في عصر كيخسر وبن شباوش وسار من الشام إلى العراق، فبلغ خبره كيخسرو، فهرب إلى خراسان، فلم يلبث قليلًا حتى هلك، ثم سار سليمان إلى مرو، ثم إلى بلاد الترك فوغل فيها، وجاز بلاد الصين، ثم عطف إلى أن وافى بلاد الفرس فنزلها أيامًا، ثم عاد إلى السام فوافى تدمر وكانت مطنه، ثم أمر ببناء المقدس، فلما فرغ منه سار إلى تهامة ثم إلى صنعاء وتفقد الطير، وكان من حديثه مع صاحبة صنعاء ما ذكره الله تعالى، وغزا بلاد المغرب الأندلسي وطنجة وإفرنجة ونواحيها. والله أعلم بحقيقة الحال،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015