وقالوا: هذا من أباطيل اليهود، والشياطين لا يتمكنون من مثل هذه الأفاعيل، وتسليط الله إياهم على عباه حتى يقعوا في تغيير الأحكام، وعلى نساء الأنبياء حتى يفجروا بهن: قبيح، وأما اتخاذ التماثيل: فيجوز أن تختلف فيه الشرائع، ألا ترى إلى قوله: {مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} [سبأ: 13]؟ وأما السجود للصورة: فلا يظن بنبي الله أن يأذن فيه، وإذا كان بغير علمه: فلا عليه. وقوله: {وأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} ناب عن إفادة معنى إنابة الشيطان منابه نبوًا ظاهرًا.

[{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ} 35]

قدم الاستغفار على استيهاب الملك؛ جريًا على عادة الأنبياء والصالحين في تقديمهم أمر دينهم على أمور ديناهم. {لَا يَنبَغِي}: لا يتسهل ولا يكون. ومعنى {مِن بَعْدِ]}: دوني. فإن قلت: أما يشبه الحسد والحرص على الاستبداد بالنعمة أن يستعطي الله ما لا يعطيه غيره؟ قلت: كان سليمان عليه السلام ناشئًا في بيت الملك والنبوة ووارثًا لهما، فأراد أن يطلب من ربه معجزةً، فطلب على حسب إلفه ملكًا زائدًا على المماليك زيادةً خارقة للعادة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عليه أو ابتلاه بتسليط خوف أو توقع بلاء، فصار لذلك كالجسد الضعيف الملقى على الكرسي أولى من تفسيره بتسليط عفريت مارد؛ لأن العرب تقول في الضعيف الزمن: إنه لحم على وضم، وجسد بلا روح.

هذا هو المراد من قول المصنف: "وألقينا على كرسيه جسدًا ناب عن إنابة الشيطان منابه نبوًا ظاهرًا"، وفي الوجوه التي نسبت إلى الإمام تصرف واختصار، وأشبه الأقاويل في إلقاء الجسد، هو شق الولد؛ لأنه مؤيد بما رويناه عن الأئمة المتقين.

قوله: (فأراد أن يطلب من ربه معجزة فطلب على حسب إلفه ملكًا زائدًا على الممالك زيادة خارقة للعادة)، قالوا: إنما طلب الملك من بين سائر المعجزات؛ لما أن الغالب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015