من أصلها، ومن جحد الحكمة في خلق العالم فقد سفه الخالق، وظهر بذلك أنه لا يعرفه ولا يقدره حق قدره، وكان إقراره بكونه خالقًا كلا إقرار.

[{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} 28]

{أَمْ} منقطعة، ومعنى الاستفهام فيها الإنكار، والمراد: أنه لو بطل الجزاء - كما يقول الكافرون- لا ستوت عند الله أحوال من أصلح وأفسد، واتقى وفجر، ومن سوى بينهم كان سفيهًا ولم يكن حكيمًا.

[{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ولِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} 29]

وقرئ: (مباركًا)، و (ليتدبروا) على الأصل، و (لتدبروا) على الخطاب. وتدبر الآيات: التفكر فيها، والتأمل الذي يؤدي إلى معرفة ما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة والمعاني الحسنة؛ لأن من اقتنع بظاهر المتلو، لم يحل منه بكثير طائل، وكان مثله كمثل من له لقحة درور لا يحتلبها، ومهرة نثور لا يستولدها. وعن الحسن: قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله: حفظوا حروفه وضيعوا حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: والله لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفًا، وقد- والله- أسقطه كله؛ ما يرى للقرآن عليه أثر في خلق ولا عمل، والله ما هو بحفظ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لم يحل)، من: حلوته بكذا فحلي به، أي: أعطيته فتناول، ومنه " حلوان الكاهن" لعطائه.

قوله: (لقحة درور)، الجوهري: اللقوح واللقاح- بالكسر-: الإبل بأعيانها، الواحدة: لقوح، وهي: الحلوب، والمهر: ولد الفرس، والأنثى: مهرة. والنثور: الكثيرة الولد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015