حروفه وإضاعة حدوده، والله ما هؤلاء بالحكماء ولا الوزعة، لا كثر الله في الناس مثل هؤلاء. اللهم اجعلنا من العلماء المتدبرين، وأعذنا من القراء المتكبرين.

[{ووَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ العَبْدُ إنَّهُ أَوَّابٌ * إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الجِيَادُ * فَقَالَ إنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ والأَعْنَاقِ} 30 - 33]

وقرئ: (نعم العبد) على الأصل، والمخصوص بالمدح محذوف. وعلل كونه ممدوحًا بكونه أوابًا رجاعًا إليه بالتوبة، أو مسبحًا مؤوبًا للتسبيح مرجعًا له؛ لأن كل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولا الوزعة)، أي: المانعين عن النواهي. الأساس: أوزعته: مانعته، والشيب وازع، ولابد للناس من وزعة؛ من كففة عن الشر والبغي، ووزع نفسه عن الجهل والهوى.

قال:

إذا لم أزع نفسي من الجهل والصبا .... لينفعها علمي فقد ضرها جهلي

قوله: (من القراء المتكبرين)، أي: الذين ليسوا بحكماء، أي: فقهاء، ولا يمنعون الناس عن الشر عملًا بالقرآن.

روي أن الحسن تعلم القرآن وهو ابن ثنتي عشرة سنة، لا حروفه فحسب، ولكن ما تعلم آية إلا وقد عرف تأويلها وجميع ما فيها من كل دقيق وجليل بقدر وسعه، فهو القراء الحقيقي.

قوله: (أوابًا رجاعًا إليه بالتوبة)، هو الوجه الأول، وقوله: "أو مسبحًا مؤويًا للتسبيح"، هو الوجه الثاني في قوله تعالى: {والطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 19].

قال: وضع {أَوَّابٌ} موضع المسبح؛ لأن الأواب- وهو: التواب الكثير الرجوع إلى الله تعالى- من عبادته أن يكثر ذكر الله ويديم تسبيحه، والفرق بين هذه الآية والسابقة أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015