يدل على معنى، فأين الوزن؟ وأين التقفية؟ وأين المعاني التي ينتحيها الشعراء عن معانيه؟ وأين نظم كلامهم عن نظمه وأساليبه؟ فإذا لا مناسبة بينه وبين الشعر إذا حققت، اللهم إلا أن هذا لفظه عربي، كما أن ذاك كذلك. {ومَا يَنْبَغِي لَهُ}: وما يصح له ولا يتطلب لو طلبه، أي: جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له ولم يتسهل،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] ولكون الشعر مقر الكذب، قيل: أحسن الشعر أكذبه، وقال بعضهم: لم ير متدين صادق اللهجة مفلقًا في شعره. والشعار: الثوب الذي يلي البدن لمماسته الشعر. والشعار: ما يشعر به الإنسان نفسه في الحرب أي: يعلم، والشعراء ذباب الكلب لملازمته شعره.

قوله: ({ومَا يَنْبَغِي لَهُ} وما يصح له ولا يتطلب)، روي عن المصنف أنه قال: في" كتاب" سيبويه حرف واحد: كل فعل فيه علاج يأتي مطاوعه على الانفعال، كضرب وطلب وعلم، وما ليس فيه علاج كعدم وفقد لا يتأتى في مطاوعه الانفعال البتة.

وقال ابن الحاجب: {مَا يَنْبَغِي} بمعنى: لا يستقيم عقلا كقوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم: 92]؛ لأنه لو كان ممن يقول الشعر لتطرقت التهمة عند كثير من الناس في أن ما جاء به من قبل نفسه. ولذلك عقبه بقوله: {ويَحِقَّ القَوْلُ عَلَى الكَافِرِينَ}؛ لأنه إذا انتفت الريبة لم يبق إلا المعاندة، فيحق القول عليهم. أشار إلى اتصال هذا الآية بما قبلها وما بعدها كما قررناه آنفًا.

قال الإمام: وفيه وجه أحسن من ذلك، وهو أن الشعر لا يليق بمثله، ولا يصلح له، لأن الشعر يدعوا إلى تغيير المعنى لمراعاة اللفظ والوزن، ولأن أحسنه المبالغة والمجازفة والإغراق في الوصف، وكلها تستدعي الكذب، وجل جناب الشارع عنه، فما هو إلا كتاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015