بأنفسهم، هوى منهم للباطل ومقتاً للحق، لا بقوّة منا على استكراههم ولا سلطانٍ (ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) إنما كانوا يعبدون أهواءهم ويطيعون شهواتهم. وإخلاء الجملتين من العاطف؛ لكونهما مقرّرتين لمعنى الجملة الأولى.

[(وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ *وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ *فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) 64 - 66]

(لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) لوجهٍ من وجوه الحيل يدفعون به العذاب. أو: لو أنهم كانوا مهتدينمؤمنين، لما رأوه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (وإخلاءُ الجملتيْنِ مِنَ العاطف؛ لكونهما مُقرِّرتيْنِ لمعنى الجملةِ الأولى)، إحداهُما: {تَبَرَّانَا إِلَيْكَ}، وثانيهِما: {مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}، كما قال الشاعر:

وقدْ رَكِبتُمْ صماءَ معضلةً ... تفري البراطيلَ تفلقُ الحَجَرا

وذلكَ أنّ الشركاءَ لمّا سَمِعوا: {أَيْنَ شُرَكَاءِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} تبرّؤوا عنهُمْ بقولِهم أولاً: {رَبَّنَا هَؤُلاَءِ الَّذينَ أَغْوَيْنَا أغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا}؛ أي: غَوَوْا باختيارِهِم؛ لأنّ إغواءَنا لم يكنْ إلا وسوسةً وتسويلاً لا قسرًا، ولا فرقَ بينَ غَيَّنا وغَيِّهم.

قولُه: ({لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} لِوَجهٍ مِنْ وجوهِ الحيلِ يدفعونَ بهِ العذاب)، فالجوابُ محذوفٌ، ودلّ عليهِ سياقُ الكلام.

قولُه: (أوْ لوْ أنهُمْ كانوا مهتدِينَ مؤمِنين؛ لَمَا رَأَوْه)، والجوابُ أيضًا محذوفٌ يدلُّ عليهِ قولُه: {وَرَأَوْا العَذَابَ}. ولوْ أنهُمْ كانوا مُهتَدينَ في الدنيا لَمَا رَأوا العذاب في الآخرة؛ فقولُه: ((لَمَا رَأَوْه)) متعلقٌ بالوجهِ الثاني، ويجوزُ أنْ يتعلّقَ بالوجهيْن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015