وأنّه في كتابِهِم، فرجَعَ الرَّهْطُ إلى قُريشٍ فأخبروهُم بقَولِ اليهود، فقالُوا عندَ ذلك: ساحِران تَظاهرا.

[{قُلْ فَاتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 49]

{هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا} ممّا أُنزِلَ على مُوسى عليه السَّلامُ وممّا أُنزِلَ عليَّ. هذا الشَّرْطُ من نحوِ ما ذكرتُ أنَّه شرطُ المُدِلِّ بالأمرِ المتَحَقِّقِ لصِحَّتِه؛ لأنَّ امتناعَ الإتيانِ بكتابٍ أهدى من الكِتابَيْنِ أمرٌ متَحَقِّقٌ لا مجالَ فيه للشَّكِّ. ويجوزُ أنْ يُقصَدَ بحرفِ الشَّكِّ: التَّهكُّمُ بهم.

[{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} 50]

فإن قلت: ما الفرقُ بينَ فعلِ الاستجابةِ في الآية، وبينَهُ في قولِه:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا التفسيرُ بناءً على القراءةِ الثانية. قالَ الزجاج: والثاني أظْهَر؛ لقولِه تعالى: {قُلْ فَاتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِندِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا}. ولقائلٍ أنْ يقول: لا يَمْنَعُ هذا مِنْ حَمْلِ {سِحْرَانِ} على محمدٍ وموسى عليهما السلام؛ لأنّ المعنى: قل فأتوا بكتابٍ مِنْ عندِ الله هوَ أهدى مِنْ كتابَيْهِما، ويؤيِّدُهُ قراءةُ مَنْ قرأ ((ساحران)).

قولُه: (هذا الشرطُ مِنْ نحوِ ما ذكرتُ)، أي في سورةِ الشعراء: {أَن كُنَّا أَوَّلَ المُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 51] قال: ((وهوَ الشرطُ الذي يجيءُ بهِ المُدِلُّ بأمْرِهِ المتحقِّقُ بصِحّتِه، ونظيرُهُ قولُ العامِلِ لمَنْ يُؤخِّرُ جُعْلَه: إنْ كنتُ عَمِلْتُ لكَ فوفِّني حقِّي)).

المُدلّ: الواثِق، وهوَ يُدَلُّ بفُلانٍ: يثقُ بِه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015