بِشِدّةِ العَضُد. والجملةُ تقوي بشِدّةِ اليَدِ على مزاوَلةِ الأُمور. وإمّا لأنَّ الرَّجُلَ شُبِّهَ باليَدِ في اشتِدادِها باشتدادِ العَضُد، فجُعِلَ كأنَّه يَدٌ مُشتدّةٌ بعَضُدٍ شديدةٍ. {سُلْطَانًا} غلبةً وتسَلُّطًا. أو حُجّةً واضِحةً {بِئَايَتِنَا} متعلِّقٌ بنحوِ ما تعلَّقَ به {فِي تِسْعِ آيَاتٍ}، أي: اذهبا بآياتِنا. أو بـ {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا}، أي: نسلِّطُكما بآياتِنا. أو بـ (لا يَصِلون)، أي: تمتنِعُون منهُم بآياتِنا. أو هو بيان لـ {اَلْغَالِبُونَ} لا صلةٌ، لامْتِناعِ تقدُّم الصِّلةِ على المَوْصُول. ولو تَأَخَّرَ لم يَكُنْ إلاّ صلةً له. ويجوزُ أن يكونُ قَسَمًا جوابُه: {فَلاَ يَصِلُونَ}، مُقدَّمًا عليه. أو من لَغْوِ القَسَم.

[{لَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} 36]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعني: أنّ قولَه: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} عبارةٌ عنْ قولِنا: سنُقَوِّيك، وطريقُهُ وجهان: أحدُهما: أنْ يكونَ مجازًا مُرسلاً مِنْ بابِ إطلاقِ السّبَبِ على المُسَبّبِ بمَرْتَبَتَيْن؛ فإنّ الأصل: سنُقَوِّيك به، ثُمّ نُقَوِّي يَدَكَ به، ثُمّ سَنشُدُّ عَضُدَكَ به.

وثانيهما: أنْ يكونَ استعارة؛ شَبّهَ حالةَ موسى بالتّقَوِّي بأخيهِ بحالةِ اليدِ المُتَقَوِّي بالعَضُد؛ فجُعِلَ كأنُهُ يدٌ مُشتَدّةٌ بعَضُدٍ شديدة.

قولُه: (أو هوَ بيانٌ لـ {أَلْغَالِبُونَ} لا صِلة)، كأنُه قيل: بماذا نَغْلِبُ؟ وأُجيبَ: {بِئَايَتِنَا}.

قولُه: (قَسَمًا جوابُه: {فَلاَ يَصِلُونَ})، فيهِ تساهُل؛ لأنّ جوابَ القَسَمِ لا يتقدّمُ عليه، ولا يكونُ فيهِ فاء. ولعلّ مُرادَهُ أنّ ما قبلَهُ يَدُلُّ على أنّ جوابَهُ محذوف.

قولُه: (أو مِنْ لَغْوِ القَسَم)، قيل: أيْ لا جوابَ له؛ يعني: مطلقًا لا لفظًا ولا تقديرًا؛ بلْ جيءَ بهِ مُقحَمًا لمجرّدِ التأكيد؛ كقولِك: زيدٌ وأبيكَ منطلق. قالَ صاحبُ ((الفرائد)): جوابُه محذوف؛ لأنّ التقديرك زيدٌ منطَلِقٌ والله إنّ زيدًا لمنطَلِق، تُرِكَتْ لِدَلالةِ الجملةِ المذكورة. وإنّما سُمِّيَ لَغْوًا؛ لأنّ القائلَ غيرُ قاصدٍ القَسَم، وإنّما أُجرِيَ على لسانِهِ بطريقِ العادة. وقلتُك هذا لا يجوزُ في كلامِ الله المجيدِ لا سيّما مِنَ الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015