الثّاني: إخفاءُ الرَّهَب. فإن قلتَ: قد جُعِلَ الجناحُ وهو اليَدُ في أحَدِ المَوضِعَيْنِ مضمُومًا وفي الآخَرِ مَضمُومًا إليه، وذلك قولُه: {وَأضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} وقولُه: {وَأضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَنَاحِكَ} [طه: 22] فما التّوفيقُ بينَهما؟ قلتُ: المرادُ بالجَناحِ المضموم: هو اليَدُ اليُمنى، وبالمَضْمُومِ إليه: اليدُ اليُسرى وكلُّ واحدةٍ من يُمنى اليَدَيْنِ ويُسراهُما: جَناحٌ. ومن بِدَعِ التّفاسير: أنَّ الرَّهْبَ: الكُمُّ، بلُغةِ حِمْيَرَ، وأنَّهم يقُولُون: أعطِني ممّا في رَهْبِك، ولَيْتَ شِعرِي كيفَ صحَّتُه في اللّغة؟ ! وهل سُمِعَ من الأثْباتِ الثِّقاتِ الّذينَ تُرتَضى عربِيَّتُهم؟ ثمّ ليتَ شعريْ كيفَ موقِعُه في الآية؟ وكيف تطبيقُه المَفْصِلَ كسائِرِ كلماتِ التَّنزيل؟ على أنّ موسى صلواتُ الله عليه ما كان عليهِ ليلةَ المُناجاةِ إلاّ زُرْمانِقةٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (ومِنْ بِدَعِ التفاسير: أنّ الرّهْب: الكُمّ، بلُغةِ حِمْيَر)، قالَ مُحيي السُّنة: قالَ الأصمَعيّ: سمعتُ بعضَ الأعرابِ يقولُ: أعطني ما في رَهبِك؛ أي: في كُمِّك. أي: اضمُمْ إليكَ يَدَكَ وأخرِجْهُ مِنَ الكُم؛ لأنُه تناولَ العصا ويدُهُ في كُمِّهِ وهوَ بعيد؛ ولهذا قال: ((ليت شعري كيفَ موقِعُهُ في الآية؟ )).

قولُه: (مِنَ الأثبات)، الأساس: هوَ ثَبْتٌ مِنَ الأثبات؛ إذا كانَ ذا حُجّةٍ لِثِقَتِهِ في روايته، ووجدْتُ فلانًا مِنَ الثقاتِ والأعلامِ الأثبات.

قولُه: (زُرْمانِقة)، النِّهاية: وفي حديثِ ابنِ مسعود: أنّ موسى عليهِ السلامُ أتى فرعونَ وعليهِ زُرْمانِقة، أي: جُبّةُ صُوف. والكلمةُ أعجمية، قيل: هيَ عبرانية، وقيل: فارسية؛ أصلُه: أُشْتُرْبانهْ؛ أي: متاعُ الجَمّال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015