من صُوفٍ لا كُمَّيْ لها. {فَذَانِكَ} قرئَ مُخفَّفًا ومُشدَّدًا، فالمُخَّففُ مُثنّى ذاك. والمُشدَّدُ مُثنّى ((ذلك)). {بُرْهَانَانِ} حُجَّتانِ بَيِّنَتانِ نيِّرَتان. فإنْ قلتَ: لمَ سُمِّيَتِ الحُجّةُ بُرهانًا؟ لبَياضِها وإنارَتِها من قولِهم للمرأةِ البيضاءِ: بَرَهْرَهةٌ، بتكريرِ العَيْنِ واللاّم معًا. والدَّليلُ على زِيادةِ النُّونِ قولُهم: أَبرَهَ الرَّجُلُ، إذا جاءَ بالبُرهان. ونظيرُه تسمِيَتُهُم إيّاها سلطانًا؛ من السُّليطِ وهو الزَّيتُ، لإنارَتِها.

[{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ* وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} 33 - 34]

يقالُ: رَدَاتُه: أَعَنتُهُ. والرِّدْءُ: اسمُ ما يُعانُ به، (فِعْلٌ) بمعنى (مفعولٍ)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (لا كُمّيْ لها)، مثل: لا غُلامَيْ لك، ولا أبا لك، في سقوطِ النونِ وإقحامِ اللامِ بيْنَ المضافِ والمضافِ إليهِ لتأكيدِ الإضافة.

قولُه: (قُرِئَ مُخفّفًا ومُشدّدًا)، ابنُ كثيرٍ وأبو عمرو: ((فذانِّك)) بتشديدِ النون، والباقون: بتخفيفِها.

قولُه: (والمُشَدّدُ مُثَنّى ((ذلك)))، قيل: أصلُه: ذانِ لك؛ قُلِبَتِ اللامُ نونًا وأُدغِمَتِ النونُ في النون. وقالَ الزجّاج: وكأنَّ ((ذانِّكَ)) مُشَدّدًا تثنيةُ ((ذلك))، و ((ذانِكَ)) مخفّفًا تثنيةُ ((ذاك))؛ جَعَلَ بَدَلَ اللام تشديدَ النونِ في ((ذانّك)).

قولُه: (بَرَهْرَهَة)، الأساس: أَبْرَهَ فلان: جاءَ بالبُرهان، وبَرْهَنَ مُوَلّد، والبُرهان: بيانُ الحُجّةِ وإيضاحُها؛ مِنَ البَرَهْرَهة، وهيَ البيضاءُ مِنَ الجواري؛ كما اشْتُقّ السلطانُ مِنَ السليطِ لإضاءتِه.

قولُه: (والرِّدْء: اسمُ ما يُعانُ به)، الراغب: الرِّدْءُ الذي يَتْبَعُ غيرَهُ مُعينًا له، وقد أردأني، والرِّدءُ في الأصلِ مثلُه؛ لكنْ تعورِفَ في المتأخِّرِ المذموم، يُقال: رَدَأَ الشيءُ رداءة؛ فهوَ رديء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015