تنَظَّرْتُ نَصرًا وَالسِّماكَينِ أيهُما ... عَليَّ من الغَيثِ استُهِلَّت مَواطرُه
وعن ابنِ قُطيب: (عِدوان)، بالكَسْر. فإن قلتَ: ما الفرقُ بينَ موقِعَيْ (ما) المَزيدةِ في القِرَاءَتَيْن؟ قلتُ: وقعَتْ في المُستفيضةِ مؤكِّدةً لإبهام، أيْ: زائدة في شياعها، وفي الشّاذّةِ تأكيدًا للقضاء، كأنّه قالَ: أيّ الأجَلَينِ صمَّمْتُ على قضائِه وجرَّدْتُ عزِيمَتِي له. الوكيلُ: الذي وُكِلَ إليه الأمر، ولمّا استعملَ في موضعِ الشّاهدِ والمُهيمِنِ والمُقيت، عُدّيَ بعلي لذلك. رُويَ أنَّ شُعيبًا كانت عندَه عَصَا الأنبياءِ فقال لمُوسى باللَّيل: ادخُل ذلك البيتَ فخُذْ عصًا من تلكَ العصيّ. فأخذَ عصًا هبطَ بها آدمُ من الجنّة، ولم يزلِ الأنبياءُ يتوارثُونها حتّى وقعتْ إلى شعيب، فمسَّها وكان مكفوفًا، فضنَّ بها فقال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولِه: ((وكَحّلَ العينَيْنِ بالعواور)) دَلالةً على الياءِ في ((العواوير))، وإنما حُذِفَتْ استحسانًا وتخفيفًا لا وجوبًا. وأنْشَدَنا أبو عليِّ للفرزدق:
تَنَظّرْتُ نَصْرًا والسّماكَيْن
البيت). تَمّ كلامُ ابنِ جِنِّي.
العوّار: الجبان، والجمع: العواوير، وإنْ شِئْتَ لَمْ تُعوِّضْ في الشعر، وقُلت: العواور. تَنَظّرْتُ: أي انتَظَرْت. والسّماكان: نجمان: الأعزل: وهو الذي لا شيءَ بَيْنَ يَدَيْه، والرامحُ: هوَ الذي بَيْنَ يَدَيْهِ الكواكب. وهلّ السحابُ واستَهَلّ: إذا انصَبّ شديدًا، و ((نصرًا)) اسمُ الممدوح، وأَيْهُما أصلُه: أَيُّهُما؛ فسَكّنَ الياءَ للضرورة، و ((من)) -في ((مِنَ الغَيْث)) - للبيان، والمواطِر: جمعُ ماطِرة؛ أي: سحابةٌ ماطِرة. المعنى: انتَظَرْتُ نصرًا ونَوْءَ السماكَيْن، أَيُّهُما استَهَلّتْ مَواطرُه عليّ مِنَ الغَيث؛ لأني لَمْ أُفرِّقْ بَيْنَ النّصْرِ وبَيْنَ السماكَيْنِ في الجُود.
قولُه: (وفي الشاذة)، أي قراءةِ ابنِ مسعود؛ لأنّ ((ما)) على المشهورةِ: تأكيدٌ للمفعول، وفيهِ إيهام؛ فزادَ في إيهامِه. وفي الشاذّةِ: تأكيدٌ للفعلِ فزادَ في تأكيدِ إسنادِه.