غيرَها، فما وقع في يدهِ إلاّ هي سبعَ مرات، فعَلِمَ أنَّ له شأنّا. وقيل: أخَذَها جبريلُ بعدَ موتِ آدم، فكانتْ معه حتّى لقيَ بها مُوسى ليلاً. وقيل: أودَعَها شُعيبًا مَلَكٌ في صورةِ رجُل، فأمر بِنتَه أن تأتِيَه بعصا، فأتتْه بها فردَّها سبعَ مرّات، فلم تقعْ في يدِها غيرُها، فدفَعَها إليه، ثمّ نَدِمَ لأنَّها وديعةٌ، فتَبِعَه فاختصما فيها، ورضيا أن يَحكُمَ بينَهُما أوَّلُ طالعٍ، فأتاهُما المَلَكُ فقالَ: ألقِياها؛ فمن رفعها فهي له، فعالجها الشَّيخُ فلم يُطِقْها، ورفعها مُوسى.

وعن الحسَنِ: ما كانتْ إلا عصًا من الشجر اعتَرَضَها اعتراضًا. وعن الكلبيّ: الشجرةُ التي منها نُوديَ شجرةُ العَوْسَج، ومنها كانت عصاهُ. ولمّا أصبحَ قال له شعيبٌ: إذا بلغتَ مَفرِقَ الطَّريقِ فلا تأخُذْ على يمينِك، فإنَّ الكَلأَ وإنْ كان بها أكثر، إلاّ أنّ فيها تِنِّينًا أخشاهُ عليك وعلى الغنم، فأخذتِ الغنمُ ذاتَ اليَمِين، ولم يقدرْ على كفِّها، فمشى على أثَرِها فإذا عشبٌ وريفٌ لم يَرَ مثلَه، فنامَ فإذا بالتِّنِّينِ قد أقبل، فحاربَتْه العصا حتّى قتلَتْه وعادت إلى جنبِ مُوسى داميةً، فلمّا أبْصَرَها داميةً والتِّنِّينُ مقتولاً ارتاحَ لذلك، ولما رجع إلى شعيبٍ مسَّ الغنم، فوجَدَها ملأي البُطونِ غزيرةَ اللَّبَن، فأخبَرَه مُوسى ففرِحَ، وعلِمَ لمُوسى والعصا شأنّا، وقال له: إنِّي وهبتُ لك من نَتاجِ غَنَمي هذا العامَ كُلَّ أدرَعَ وودرعاءَ، فأُوحيَ إليه في المنام: أن اضْرِبْ بعصاك مُستقى الغنم، ففعل، ثمّ سقي فما أخطأتْ واحدةً إلاّ وضعتْ أدرعَ ودرعاء، فَوَفى له بِشَرْطه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (اعتَرَضَها اعتراضًا)، أي: أخَذَها مِنْ عُرْضِ الشّجَر، أي: واحدٍ مِنَ الأشجار.

الجوهري: قولُهم: اضرِبْ عَرْضَ الحائط؛ أي: اعتَرِضْهُ حيثُ وَجَدْتَ منهُ أيّ ناحيةٍ مِنْ نَواحِيه.

قولُه: (أَدْرَعَ ودَرْعاء)، الجوهري: الأَدْرَعُ مِنَ الخيلِ والشاءِ: ما اسْوَدّ وابْيَضّ سائرُه، والأنثى: دَرْعاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015