أُنثى في الأَخبار، وما كانتْ إلاّ مُخبِرةً عن أبِيها بأنّه يدعُوهُ ليَجْزِيَه. وأمّا مُماشاتُه امرأةً أجنبيةً؛ فلا بأسَ بها في نظائِرِ تلكَ الحال، مع ذلك الاحتياطِ والتَّوَرُّع. فإن قلتَ: كيفَ صحّ له أخذُ الأجرِ على البِرِّ والمعروف؟ قلتُ: يجوزُ أن يكونَ قد فعلَ ذلك لوجهِ الله وعلى سبيلِ البِرِّ والمعروف. وقيل: إطعامُ شعيبٍ وإحسانُه لا على سبيلِ أخذِ الأَجْر، ولكنْ على سبيلِ التَّقبُّلِ لِمعروفٍ مُبتَدَأٍ. كيفَ وقد قصَّ عليه قَصَصَهُ وعرَّفه أنه من بيتِ النُّبوَّة من أولادِ يعقوب؟ ومِثلُه حَقيقٌ بأن يُضَيَّفَ ويُكَرَّمَ؛ خصوصًا في دارِ نبيٍّ من أنبياءِ الله، وليسَ بمُنكرٍ أنْ يفعلَ ذلك لاضطرارِ الفَقْرِ والفاقَةِ طلبًا للأجر. وقد رُوِيَ ما يعضُدُ كِلا القَولَين: رُوِيَ أنَّها لمّا قالت: {ليَجْزِيَكَ}، كَرِهَ ذلك، ولمّا قدّم إليه الطّعامَ امتنعَ، وقال: إنّا أهلَ بيتٍ لا نَبِيعُ دِينَنا بطِلاعِ الأرضِ ذهبًا، ولا نأخُذُ على المعروفِ ثمنًا، حتى قالَ شُعَيب: هذه عادتُنا مع كُلِّ من ينزلُ بنا. وعن عطاءِ بنِ السائب: رفع صوتَه بدُعائِه ليُسمِعَهما، فلِذلك قيل له: {ليَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ}، أي: جزاءَ سَقْيِك. والقَصَصُ: مصدرٌ كالعَلَل، سُمِّيَ به المَقصُو. كُبراهُما: كانت تُسمَّى صفراء، والصُّغرى: صُفَيراء. وصفراءُ: هي التي ذهبتْ به وطلبت إلى أبيها أن يستأجِرَه، وهي التي تزوَّجَها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (بطِلاع الأَرْض)، أي: مِلْئِها. الأساس: وملأتُ لهُ القَدَحَ حتى كادَ يطلعُ مِنْ نواحِيه، ومنه: قَدَحٌ طِلاع: ملآن. وعنِ الحسن: لَأَنْ أَعلَمَ أني بريءٌ مِنَ النفاقِ أَحَبُّ إليّ مِنْ طِلاعِ الأرضِ ذهبًا.

قولُه: (وعنْ عطاءِ بنِ السائِب: رَفَعَ صوتَهُ بدعائِه)، وهوَ قولُه: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} هذا يَعْضُدُ القولَ الثاني، وهوَ قولُه: ((وليسَ بمُنكَرٍ أنْ يَفْعَلَ ذلكَ لاضطِرارِ الفقر)).

قولُه: (والقَصَصُ مصدر)، يُقال: قَصّ يَقُصُّ قَصًّا وقَصَصًا، سُمِّيَ بهِ المقصوص؛ كالعَلَلِ وهوَ الشُّرْبُ الثاني، سُمِّيَ لِما يُعَلُّ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015