وقرئ: (يَذَّكَّرَ)، و (يَذْكُر)، وعن أبي بن كعب: (يَتَذكَّر). والمعنى لينظر في اختلافهما الناظر، فيعلم أن لا بد لانتقالهما من حال إلى حال، وتغيرهما من ناقل ومغير. ويستدل بذلك على عظم قدرته، ويشكر الشاكر على النعمة فيهما من السكون بالليل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: {يَذَّكَّرَ} و"يذكر")، حمزة: "أن يذكر" بإسكان الذال وضم الكاف مخففاً، والباقون: بفتحهما مشددين.
قوله: (ويشكر الشاكر على النعمة فيهما)، عطفٌ على قوله: "لينظر في اختلافهما الناظر"، وفيه إشارةٌ إلى أن قوله: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ} وقوله: {أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} نشرٌ لمعنى اللف في قوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً}، فإن مجرد الانتقال والتغيير يدل على ناقل ومغيرٍ عظيم القدرة، وكون ذلك الانتقال مؤدياً إلى النفع العظيم يدل على منعم واسع النعمة، وهما يوجبان المعرفة والعبادة، و"أو" في قوله: {أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}: للتخيير والإباحة، كما في قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 19] على ما مر، أو للجمع، كما في قوله: {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} [المرسلات: 6]، ومن ثم أتى المصنف بالواو في الموضعين، أي: في لينظر، ويشكر، وفي "وقتين للمتذكرين والشاكرين".
ثم قوله: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} تعريضٌ بأن الذين قالوا: وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا؟ أبوا التفكر في آيات الله جحوداً وعناداً، وامتنعوا عن الشكر لآلائه عتواً واستكباراً، وتصريحٌ بأن الذين توسموا بعباد الرحمن على خلاف ذلك، ولذلك قال: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} وقال: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} ليقابل قولهم: {أَنَسْجُدُ} وقوله: {وَزَادَهُمْ نُفُورًا}. وقال الإمام: إنه تعالى لما حكى عن الكفار مزيد النفرة ذكر بعده ما لو تفكروا فيه لعرفوا وجوب السجود والعبادة، فقال: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} يعني: أن الذين قالوا: وما الرحمن؟ ما تفكروا في هذه القدرة، وما شكروا هذه النعمة.