والتصرف بالنهار، كما قال عز وعلا: (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) [القصص: 73]؛ أو ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين، من فاته في أحدهما ورده من العبادة قام به في الآخر. وعن الحسن رحمه الله: من فاته عمله من التذكر والشكر بالنهار كان له في الليل مستعتب. ومن فاته بالليل: كان له في النهار مستعتب.
[(وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو ليكونا وقتين)، عطفٌ من حيث المعنى على جملة قوله: "لينظروا في اختلافهما".
قوله: (من فاته في أحدهما ورده ... قام به في الآخر)، روينا عن الشيخين وغيرهما، عن أنس: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن الله عز وجل يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] ".
قوله: (كان له في الليل مستعتبٌ)، الجوهري: عتب عليه، أي: وجد عليه، قال الخليل: الإعتاب: مخاطبة الإدلال، ومذاكرة الموجدة، وقيل: الإعتاب: إزالة العتب، وهمزته للسلب، والإعتاب بمعنى الرضا، والاستعتاب: طلب الإعتاب.
النهاية: استعتب: طلب أن يرضى عنه، كما تقول: استرضيت، ومنه الحديث: "لا يتمنين أحدكم الموت، إما محسناً فلعله يزداد، وإما مسيئاً فلعله يستغيث" أي: يرجع عن الإساءة، ويطلب الرضا، ومنه الحديث: "ولا بعد الموت من مستعتب"، أي: ليس بعده استرضاءٌ.