[{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَاوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ} 57].
وقرئ: (لا يحسبن) بالياء، وفيه أوجه: أن يكون {مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} هما المفعولان. والمعنى: ولا يحسبن الذين كفروا أحداً يعجز الله في الأرض حتى يطمعوا هم في مثل ذلك. وهذا معنًى قويٌ جيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها: التوكيد، لأنه لو لم يؤخر لم يحتج إلى إناطة أطيعوا الرسول به، فإنه على منوال قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 119].
ومنها: الإيذان بشرف إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ومحلهما عند الله، وأنهما أما العبادات، وبعدهما مرتبةً عن سائر العبادات والطاعات، لأن العطف من باب عطف جبريل على الملائكة، ومن ثم رتب الأول بقوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} وعلى الثاني بقوله: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
قوله: (وقرئ: "لا يحسبن" بالياء)، ابن عامرٍ وحمزة، والباقون: بالتاء الفوقانية.
قوله: (هما المفعولان)، أحدهما أحداً، معجزين. وثانيهما: الأرض لتقدير الاستقرار، وإنما جاز وصف أحداً بالجمع وإيقاعه موقع المبتدأ، لكونه نكرةً في سياق النفي، كقوله تعالى: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 47] صفةً لأحد، لأنه عامٌ، وعلى الثاني والثالث: {فِي الْأَرْضِ} لغو {مُعْجِزِينَ}.
قوله: (وهذا معنى قويٌ جيد)، وفيه التفاتان، لأنه تعالى لما التفت من الغيبة إلى الخطاب في قوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا} إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} على ما سبق، عاد إلى الغيبة وإقامة المظهر موضع المضمر، أي: لا يحسبن البعداء من الذين كفروا بنزع طاعة الله ورسوله عن عنقهم أحداً يحميهم في الأرض من الاستئصال حتى