[{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} 56].
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} معطوفٌ على {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور: 54]، وليس ببعيدٍ أن يقع بين المعطوف والمعطوف عليه فاصلٌ وإن طال، لأن حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه. وكررت طاعة الرسول، تأكيداً لوجوبها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فوجب حملها على ما ذكرنا، لأنهم كانوا عندنا متمكنين من إظهار دينهم غير خائفين.
وقال: وفيه دليلٌ على صحة النبوة بالإخبار عن الغيب على ما هو به، وخلافة الخلفاء الراشدين، إذ لم يجتمع الموعود والموعود عليه، أي: العمل الصالح لغيرهم بالإجماع.
قوله: (وليس ببعيدٍ أن يقع بين المعطوف والمعطوف عليه فاصلٌ ... ، لأن حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه)، أي: الحق المغايرة، لا أن لا يقع بينهما فاصل. وقال صاحب " التقرير": لأن طول الفصل يحقق المغايرة المطلوبة والمعطوف عليه، يريد أن الواجب أن يكون بين المعطوف والمعطوف عليه المغايرة، وعند القرب لا يتحقق ذلك، فإن المجاورة مظنة الاتصال بخلاف المضاف والمضاف إليه، فإن شدة اتصالهما مانعةٌ من دخول فصلٍ بينهما، ولهذا تكلموا في قراءة ابن عامر: {قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: 137] بنصب الأولاد وجر الشركاء، على أن للفصل والتأخير فوائد، منها: الإشعار بأن الجملة المتخللة وهو {وَعَدَ اللَّهُ} الآية، مما هو يهتم بشأنه، وأنها متصلةٌ بما يتعلق بالمعطوف عليه وهو {فَإِنْ تَوَلَّوْا} كما سبق. قال القاضي: ولا يبعد عطف ذلك على {أَطِيعُوا اللَّهَ}، فإن الفاصل وعدٌ على المأمور به.
ومنها: أن في تأخير المعطوف عن قوله: {وَعَدَ اللَّهُ} إعلاماً بنوع اتصالٍ به، وبيانه ما مر أيضاً، وهو: إن أطعتم وآمنتم فقد أحرزتم نصيبكم في الدنيا والعقبى.