الْفَاسِقُونَ} أي: هم الكاملون في فسقهم، حيث كفروا تلك النعمة العظيمة وجسروا على غمطها. فإن قلت: هل في هذه الآية دليلٌ على أمر الخلفاء الراشدين؟ قلت: أوضح دليل وأبينه، لأن المستخلفين الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم هم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وجسروا على عظمها)، أي: اجترأوا على تحقيرها وازدرائها.
قوله: (لأن المستخلفين الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم هم)، والظاهر أن "هم" الأول فصلٌ، والثاني خبر "إن" فيفيد تخصيص المسند بالمسند إليه، أي: هذه الأوصاف منحصرةٌ فيهم، ومختصةٌ بهم لا تتعدى إلى غيرهم. ولعمري هم الذين اقتبسوا الدين والتقوى والتقوى من مشكاة النبوة، وكل الناس عيالهم فيه، ومنهم انتشر نور الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وهم الذين يستحقون أن يقال فيهم:
هم القوم كل القوم للدين والتقى ... وناهيك بالقوم الذين هم هم
أي: هم الأخيار والأشراف كما عرفت. كقول الحريري:
قد باعت الأسباط قبـ ... لي يوسفاً وهم هم
وقد يجيء للذم، قال:
رفوني وقالوا يا خويلد لم ترع ... فقلت- وأنكرت الوجوه- هم هم
أي: هم الأعداء. رفوني: أي: سكنوني بعدم الخوف.
قال الإمام: وجه الاستدلال أن هذا خطابٌ مع جماعة الحاضرين في حضرة الرسالة صلوات الله على صاحبها بإيصال الخلافة إليهم، وأن يمكن لهم دينهم المرضي، وأن يبدلهم بعد الخوف أمناً، ولا يمكن حمل هذا إلا على هؤلاء الربعة، لأن من ادعى الروافض إمامته ما كانوا متمكنين من إظهار دينهم وما زال الخوف عنهم، بل كانوا أبداً في التقية والخوف،