عليهم، لمعرفتهم بحاله، وإنما هو ظالمون يريدون أن يظلموا من له الحق عليهم ويتم لهم جحوده، وذلك شيءٌ لا يستطيعونه في مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن ثم يأبون المحاكمة إليه.
[{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 51].
وعن الحسن: (قول المؤمنين) بالرفع، والنصب أقوى، لأن أولى الاسمين بكونه اسماً لـ "كان" أو غلهما في التعريف، و {أَنْ يَقُولُوا} أو غل، لأنه لا سبيل عليه للتنكير، بخلاف (قول المؤمنين)، وكان هذا من قبيل "كان" في قوله: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} [مريم: 35]، {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} [النور: 16].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: الحق أن "بل" إضرابٌ عن نفس التقسيم، يعني: دع التقسيم، فإنهم هم الكاملون في الظلم الجامعون لتلك الأوصاف على الكمال، فلذلك صدوا عن حكومتك، يدل عليه إتيان اسم الإشارة، والخطاب، وتعريف الخبر بلام الجنس، وتوسيط ضمير الفصل، والله تعالى أعلم.
قوله: (والنصب أقوى)، قال ابن جني: والرفع قراءة علي رضي الله عنه والحسن، والنصب قراءة الجماعة. وهو أقوى، لأن من شرط اسم كان أن يكون أعرف من خبرها، وقوله: {أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا} أعرف من: {قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ}، لأن "أن" وصلتها تشبه المضمر من حيث إنه لا يجوز وصفها، كما لا يجوز وصف المضمر، والمضمر أعرف، ومثله: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا} [الأعراف: 82]. وقال صاحب "المطلع": أن يقولوا أوغل، لأنه لا سبيل عليه للتنكير، بخلاف قول المؤمنين، لأنه يحتمل أن يختزل عنه الإضافة فبقي منكراً.
قوله: (وكان هذا من قبيل "كان") أي: لفظة "كان" هنا من قبيل "كان" في قوله: