[{أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ} 50].
ثم قسم الأمر في صدودهم عن حكومته إذا كان الحق عليهم بين أن يكونوا مرضى القلوب منافقين، أو مرتابين في أمر نبوته، أو خائفين الحيف في قضائه. ثم أبطل خوفهم حيفه بقوله: {أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ} أي: لا يخافون أن يحيف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ووجب، ويقال لمن أنضج حاجة إنسانٍ وأتمها: أذاب حاجته. ومن قول المنصور لابن عمران: بلغني أنك لبخيلٌ، فقال: ما أجمد في حقٌ، ولا أذوب في باطل.
قوله: (ثم أبطل خوفهم حيفه)، يريد أنه تعالى أراد أن يبين أن صدودهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الحق عليهم كان باطلاً فجاء بالتقسيم، أي: لا يخلو أن نشأ ذلك الصدود عن نفاقهم وكفرهم، فإنهم لا يصدقونه في شيء، أو عن عدم ثباتهم في الإيمان ورسوخهم فيه فيرتابون فيه وفي أحكامه، أو عرفوا أنه يحكم بالحق وهم يريدون الباطل، فجيء بقوله تعالى: {بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ} إضراباً عما أثبته "بل" في {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ}.
قال القاضي: بل إضرابٌ عن القسمين الأخيرين لتحقيق القسم الأول. ووجه التقسيم: أن امتناعهم إما أن يكون لخلل فيهم، أو في الحاكم، والثاني إما أن يكون محققاً عندهم أو متوقعاً، وكلاهما باطلان، أما الأول فظاهرٌ، وأما الثاني فلأن منصب نبوته، وفرط أمانته يمنعه، فتعين الأول، وظلمهم يعم خلل عقيدتهم، وميل نفوسهم إلى الحيف. وفسر القاضي قوله: {أَمِ ارْتَابُوا} بقوله: بأن رأوا منك تهمةً، فزال يقينهم بك. وهذا معنى قوله: "أو مرتابين في أمر نبوته".