أراد: قبل فرط القطا. روي: أنها نزلت في بشرٍ المنافق وخصمه اليهودي حين اختصما في أرض، فجعل اليهودي يجره إلى رسول الله، والمنافق يجره إلى كعب بن الأشرف، ويقول: إن محمداً يحيف علينا.
وروي: أن المغيرة بن وائلٍ كان بينه وبين علي بن أبي طالب رضي الله عنه خصومةٌ في ماءٍ وأرض، فقال المغيرة: أما محمدٌ فلست آتيه ولا أحاكم إليه، فإنه يبغضني وأن أخاف أن يحيف علي. {إِلَيْهِ}: صلة {يَاتُوا}، لأن "أتى" و"جاء" جاءا معديين بـ "إلى"، أو يتصل بـ {مُذْعِنِينَ}، لأن في معنى: مسرعين في الطاعة، وهذا أحسن لتقدم صلته ودلالته على الاختصاص.
والمعنى: أنهم لمعرفتهم أنه ليس معك إلا الحق المر والعدل البحت، يزورون عن المحاكمة إليك إذا ركبهم الحق، لئلا تنتزعه من أحداقهم بقضائك عليهم لخصومهم، وإن ثبت لهم حقٌ على خصمٍ أسرعوا إليك ولم يرضوا إلا بحكومتك، لتأخذهم لهم ما ذاب لهم في ذمة الخصم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغلس: ظلمة الليل، والتغليس: السير بغلس، والفرط: جمع الفارط كالركع والراكع وهو السابق إلى الماء قبل الواردة ليهيئ لهم الدلاء.
قوله: (الحق المر)، أي: الحكم الذي يلحقهم بسماعه مرارةٌ في أفواههم، وهو كنايةٌ عن الكراهة. النهاية: قال شريحٌ لجماعةٍ أرادوا أن يحلفوا على شيء "لتركبن منه مرارة الذقن" أي: ما يمر في أفواهكم وألسنتكم التي بين أذقانكم.
قوله: (البحت)، أي: الخالص، "يزورون" أي: يعدلون عنه ويميلون.
قوله: (وإن ثبت لهم حقٌ على خصم أسرعوا إليك ولم يرضوا إلا بحكومتك)، دل على الحصر تقديم صلة {مُذْعِنِينَ} عليه.
قوله: (ما ذاب لهم)، أي: ما وجب. الأساس: ومن المجاز: ذاب لي عليه حقٌ: ثبت