. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يهتدون به ويتخلصون من ظلمات الكفر والضلالات وورطات الزيغ والجهالات بوحي ينزله، ونبي يبعثه.
وقد تقرر أن التأويل الذي عليه التعويل ما ساعد عليه النظم. وروينا عن محيي السنة في "المعالم" أنه قال: التأويل صرف الآية إلى معنى محتملٍ موافقٍ لما قبلها ولما بعدها غير مخالفٍ للكتاب والسنة، من طريق الاستنباط.
وعلى مقتضى هذه القضية وجب النظر في هذه الآية إلى السباق والسياق، أما السباق فكما قال الإمام: هو قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}، وبيانه أنها جاءت رابطةً لقصة براءة ساحة حجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما بقوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، كما فسره المصنف، وتخلصاً منها إليه، وقد كرر هذا المعنى في هذه السورة الكريمة مراراً ترجيعاً إلى ما هو مهتمٌ به وتخلصاً إلى ما ينبغي أن يشرع فيه. منها: قوله تعالى في فاتحة السورة: {وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}. ومن ثم جاء في هذا المقام مفصولاً استئنافاً على بيان الموجب، امتناناً على المنزل عليهم، كأنه قيل: إنما أنزل الله إليكم هذه الآيات ومثلاً من الذين خلوا من قبلكم وموعظةً للمتقين، لأنه هادي أهل السموات وأهل الأرض بإنزال الآيات البيانات والكتاب المنير المشتمل على ما تأتون به وتذرون، ففيه مع الامتنان تعظيم شأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، حيث استشهد لبراءة حجابه بمثل هذه الآية الكريمة الجامعة، وفي جعل تلك الآية تخلصاً لهذه، وإنها من الجوامع المحتوية على الأمهات، فإن قوله: {مُبَيِّنَاتٍ} يشتمل على جميع ما يستحق أن يبين من أصول الدين وفروعه.
وقوله: {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا} منبئٌ عن أحوال سائر الأمم الخالية، والرسل الماضية، {وَمَوْعِظَةً} منبئةً عن جميع الآيات المنذرات والمبشرات. واختصاص المتقين، لأنهم الجامعون بين ما يجب أن يؤتى به، ويتحرز منه، دلالةٌ بينةٌ على صحته ما ذهبنا إليه. ثم