. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطلب الأول: في الكشف عن حقيقة هذه النور:

والقول الجامع فيه ما أورده القاضي في "تفسيره" واختصره من كلام الإمامين: حجة الإسلام، والإمام فخر الدين، ولخصه: النور في الأصل: كيفيةٌ تدركها الباصرة أولًا، وبوساطتها تدرك سائر المبصرات ثانياً، كالكيفية الفائضة من النيرين على الأجرام الكثيفة المحاذية لهما، ويوافقه تفسير أهل اللغة: النور: الضياء. وهو بهذا المعنى لا يصح إطلاقه على الله تعالى إلا بتقدير مضاف، كقولك: زيدٌ كرمٌ أي: ذو كرم، أو على تجوز، وهو على وجوهٍ:

أ- منور السموات والأرض، لأن الله تعالى نورهما بالكواكب وما يفيض عنها من الأنوار، وبالملائكة والأنبياء.

ب- مدبرهما، من قولهم للرئيس الفائق في التدبير: نور القوم، لأنهم يهتدون به في الأمور.

ج- موجدهما، فإن النور ظاهرٌ بذاته، مظهرٌ لغيره، وأصل الظهور هو الوجود، كما أن أصل الخفاء هو العدم، والله تعالى موجودٌ بذاته، موجدٌ لما عداها.

د- الذي به يدرك، أو يدرك أهلها، ومن ثم أطلق النور على الباصرة لتعلقها به، أو لمشاركتها له في توقف الإدراك عليه ثم على البصيرة، لأنها أقوى إدراكاً، فإنها تدرك نفسها وغيرها من الكليات والجزئيات الموجودات والمعدومات، وتغوص في بواطنها وتتصرف فيها بالتركيب والتحليل، ثم إن هذه الإدراكات ليست لذاتها وإلا لما فارقتها، وهي إذن من سبب يفيضها عليه، وهو الله تعالى، أو بتوسط من الملائكة والأنبياء. ويقرب منه قول ابن عباس: هادي من فيهما، فهم يهتدون بنوره.

وقلت: قول ابن عباس من واد، وهذا من واد، فإن لو حبر الأمة من وادي طور سيناء، وهذا من وادٍ يهيم فيه ابن سيناء، فإن معنى قوله: الله هادي العالمين ومبين ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015