. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الانتقال من ضمير التعظيم إلى اسم الذات والحضرة الجامعة خطبٌ جليل وخطرٌ خطير وإيذانٌ بأن تلك الهداية أيضاً جامعةٌ لما يناط به أمور الدين من بعثة الرسل وإنزال الكتب وغير ذلك. وأما السياق فإن قوله تعالى: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ} جاء مفصولاً للاستئناف، وبيان أن الله يختص بتلك الهداية من يشاء من خواص حضرته، وأن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ}، {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} جاء مقابلاً لهذه الآيات، والمعنى: أن أعمالهم الصالحة التي لم تكن مقتبسةً من مشكاة النبوة ضائعةٌ، ألا ترى كيف أوقع قوله: {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ} تنبيهاً على أن الكافر كان فاقد ذلك النور عند عمله؟ " وقال محيي السنة: أراد بالظلمات: أعمال الكفار، وبالبحر اللجي: قلبه، وبالمموج يغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة، وبالسحاب: الطبع والرين على قلبه.

وقلت: قوله: " {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} مقابلٌ لقوله: {نُورٌ عَلَى نُورٍ}، ولهذا ختمها بقوله: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}. وعن الإمام: قال الأصحاب: إنه تعالى لما وصف هداية المؤمن بأنها في نهايةٍ من الجلاء والظهور عقبها بأن قال: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}، ولما وصف ضلالة الكافر بأنها في نهاية الظلمة عقبها بقوله: " {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} مظهراً أن المراد بالنور: الهاية بإنزال الكتب، وإرسال الرسل، شبهها في ظهورها في نفسها والبيان والجلاء، وفي كونها مبيناً لغيرها مما يناط به أمر الدين بالنور، لأنه ظاهرٌ في نفسه، مظهرٌ لغيره.

والمطلب الثاني: في الكشف عن حقيقة التمثيل.

قال القاضي: وقد ذكر في معنى التمثيل وجوهٌ:

أ- تمثيلٌ للهدى الذي دل عليه الآيات البينات في جلاء مدلولها وظهور ما تضمنه من الهدى بالمشكاة المنعوتة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015