بالنور في ظهوره وبيانه، كقوله: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]: أي: من الباطل إلى الحق.

وأضاف النور إلى السماوات والأرض لأحد معنيين: إما للدلالة على سعة إشراقه وفشو إضاءته حتى تضئ له السماوات والأرض. وإما أن يراد أهل السماوات والأرض، وأنهم يستضيئون به.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"شبهه بالنور في ظهوره وبيانه"، أي: جعله مبيناً ودليلاً على وحدانيته، ومآل المعنى: الله جاعلهما دليلين على وحدانيته، كما نقل عن بعضهم: الله مدلول السماوات والأرض. ولما احتاج الاستدلال بهما إلى الذهن الثاقب، والفكر الصائب الذي لا يلويه الباطل يميناً وشمالاً، جعل المشبه به في كوةٍ، ليؤذن أن المستضيء به إنما ينتفع إذا انتصب محاذياً له قبلاً إياه، وكذلك المستدل ينبغي أن يكون على الصراط المستقيم، كقوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]، وإليه الإشارة بقوله: "ولم يذهب عن الجادة الموصلة إليه يميناً وشمالاً".

فإن قلت: تفسيره لقوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} بقوله: "للدلالة على سعة إشراقه وفشو إضاءته" غير مطابقٍ لقوله: "إن المصباح إذا كان في مكانٍ متضايقٍ كالمشكاة، كان أضوأ له، وأجمع لنوره"، بخلاف المكان الواسع، فإن الضوء ينبث فيه وينتشر والواجب الموافقة بين ما يجتمع فيه المشبه والمشبه به من المعنى؟ قلت: إنما يكون كذلك أن لو كان وجه الشبه سعة الإشراق وفشوه، وإنا الوجه فرط الضياء وقوة الإنارة. والحاصل أن شبه نور الله الفاشي في قوة ظهوره بالنور المستفاد من المصباح الذي هو في المشكاة، والمراد بالفشو والانتشار: كثرة الدلائل وظهور آثار وحدانيته في الملكوت.

قوله: (وإما أن يراد أهل السماوات والأرض)، وهو ينظر إلى تأويل ابن عباس على ما رواه محيي السنة عنه: الله هادي أهل السماوات والأرض، فهم بنوره إلى الحق يهتدون، وبهداه من حيرة الضلالة ينجون. وقال الإمام: الله هادي أهل السماوات والأرض، قول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015