نظير قوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} مع قوله: {مَثَلُ نُورِهِ} و {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ}: قولك: زيدٌ كرمٌ وجود، ثم تقول: ينعش الناس بكرمه وجوده. والمعنى: ذو نور السماوات، وصاحب نور السماوات، ونور السماوات والأرض الحق، شبهه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يوسف ومريم في أنهما بما قرفا، فكانا بريئين منه، وكانت أيضاً موعظةً للمؤمنين في قوله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ} لما أدمج فيها ذلك الأدب الحسن، وفيها قوله تعالى: {يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ} وأكثرها مواعظ وسائر آيات السور من نحو: {وَلَا تَاخُذْكُمْ بِهِمَا رَافَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}، وقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، وقوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}، وقوله: {لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}، {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}، وغير ذلك، وهذه الآية عامةٌ لكن يدخل فيها هذه المعاني دخولاً أولياً.

قوله: (نظير قوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} مع قوله: {مَثَلُ نُورِهِ} و {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ}: قولك: زيدٌ كرمٌ وجود، ثم تقول: ينعش الناس بكرمه وجوده، يريد: أن نسبة ارتباط هذه الجمل بعضها مع بعض، كنسبة ارتباط الجملتين في المثال، وكذا حمل الخبر على المبتدأ في الآية كحمله في المثال. فإن قلت: المثال ذو جملتين، والآية ذات جمل ثلاث؟ قلت: إذا جعل قوله تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} إلى أخرها يتصل به مبيناً لما سبق، فإن البيان والمبين متحدان في الاعتبار، ثم استؤنف بقوله: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} لينطبق عليه المثال، فإن قوله: ينعش الناس بكرمه مثل قوله: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ}، وحين لم يفتقر كرمٌ وجودٌ إلى البيان تركه.

قوله: (ينعش الناس بكرمه)، أي: يرفعهم ويصلح حالهم. وأصله: من نعشة العاثر، وفي بعض الأدعية المأثورة: يا ناعش الضعيف، يا مغيث اللهيف، ويا منتهي رغبة الوضيع والشريف.

قوله: (ونور السماوات والأرض الحق)، أي: المراد بالنور: الحق، يدل عليه قوله: "شبهه بالنور"، أي: شبه الحق بالنور، والمراد بالحق: كونهما دليلين على وجود فاطرهما، وعظمة مبدعهما، وكمال قدرة منشئهما، قال الله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} [آل عمران: 191] أي: ما خلقته إلا حقاً. ويؤيده قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015