النفاق ست جوار: معاذة، ومسيكة، وأميمة، وعمرة، وأروى، وقتيلة، يكرههن على البغاء، وضرب عليهن ضرائب، فشكت ثنتان منهن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت. ويكنى بالفتى والفتاة عن العبد والأمة، وفي الحديث: "ليقل أحدكم: فتاي وفتاتي، ولا يقل: عبدي وأمتي". والبغاء: مصدر البغي. فإن قلت: لم أقحم قوله: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}؟ قلت: لأن الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن، وآمر الطيعة المواتية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لعبد الله بن أبي يقال لها مسيكة، وأخرى يقال لها أميمة، كان يريدهما على الزنى، فشكتا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} الآية.

قوله: (وفي الحديث: "ليقل أحدكم: فتاي")، روى الإمام أحمد بن حنبل، عن أبي هريرة: "لا يقل أحدكم: ربي، وليقل: سيدي، ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي أمتي، وليقل: فتاي فتاتي غلامي".

قوله: (لم أقحم قوله: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}؟ )، يريد أن النهي عن إكراههن مطلق، فلم قيده بقوله: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}؟ وذلك يوهم أن النهي عن الإكراه ينتفي إذا لم توجد إرادة التحصن وهو ليس بمراد، وهذا مبنيٌ على أن المعلق بلفظ {إِنْ} على الشيء، يعدم عندهم عدم المعلق به بشهادة إجماع إهل اللغة أن كلمة {إِنْ} للشرط، والشرط هو ما ينتفي الحكم عند انتفائه. وأجاب أن الإكراه إنما يتصور إذا أردن التحصن، وإذا أردن البغاء، فلا إكراه إذن، على أن كلمة {إِنْ} الدالة على الشك وخلو الجزم مؤذنةٌ بأنهن كن راغباتٍ في الزنى.

الانتصاف: لم يذكر جواباً شافياً، وعندي أنه للإيقاظ، لأن السامع ينبغي أنه يحترز من هذه الرذيلة وإن لم يكن زاجرٌ شرعيٌ، إشعاراً بأن أمته خيرٌ منه، ولولا هذا لما قوي الزاجر النفسي، وقلت: ويقوي هذا التأويل التعريض في قراءة ابن عباس: لهن غفورٌ رحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015