وهو مذهب داود. {خَيْرًا}: قدرةً على أداء ما يفارقون عليه. وقيل: أمانةً وتكسباً. وعن سلمان أن مملوكاً له ابتغى أن يكاتبه، فقال: أعندك مالٌ؟ قال: لا، قال: أفتأمرني أن آكل غسالة أيدي الناس! {وَآَتُوهُمْ} أمرٌ للمسلمين على وجه الوجوب بإعانة المكاتبين وإعطائهم سهمهم الذي جعل الله لهم من بيت المال، كقوله: {وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة: 177]، عند أبي حنيفة وأصحابه. فإن قلت: ل يحل لمولاه إذا كان غنياً أن يأخذ ما تصدق به عليه؟ قلت: نعم، وكذلك إذا لم تف الصدقة بجميع البدل وعجز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهو مذهب داود)، هو داو بن علي الأصفهاني، وهو الذي يرجح الاستصحاب على القياس وهو من أصحاب الظواهر.
قوله: {خَيْرًا}: قدرةً على أداء ما يفارقون عليه)، وفي الحاشية: صادرته، وفارقته على مال، أي: صدر هذا وتفارقا عليه. والأظهر أن التقدير على أداء ما تقع الفرقة عليه من مالٍ أو خدمةٍ عمل.
الأساس: ومن المجاز: وقفته على مفارق الحديث، أي: على وجوهه الواضحة.
قوله: (قلت: نعم، وكذلك إذا لم تفق الصدقة)، إلى آخره، قيل: عند الشافعي رضي الله عنه أنه إذا رق المكاتب، أو أعتق من غير جهة الكتابة، غرم المدفوع إليه، إلا أن يتلف المال قبل العتق، وإنما وجب الرد إذا لم يعتق المكاتب لو عتق من غير جهة الكتابة، لأنه علم من طريق التبين أن ما صرف إلى المكاتب لم يقع الموقع حينئذ، إذ لم يترتب عليه الغرض المطلوب، وبهذا يظهر أن قياس ذلك على الصدقة التي اشتريت من الفقير غير صحيح. وكذا إلحاقه بحديث بريرة، فإنه لم يحدث هنالك ما يظهر به بطلان صرف الصدقة إلى من صرفت إليه.